تُصُدِّقَ بِهِ، وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ لِصَلَاةٍ
ــ
[منح الجليل]
تُصُدِّقَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ لِيَشْمَلَ تَصَدُّقَ النَّاذِرِ وَنَائِبِهِ حَيْثُ شَاءَ (بِهِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَصُرَ عَنْ التَّعْوِيضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَفِيهَا أَيْضًا يَبْعَثُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ يَخْتَصُّ أَهْلُ الْحَرَمِ بِالثَّمَنِ. اهـ. وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَصْبَغَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِهِ ابْتِدَاءً، لَكِنْ خَالَفَهُ بِتَخْصِيصِهِ الصَّدَقَةَ بِسَاكِنِي مَكَّةَ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتْبَعْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا أَصْبَغَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تَبِعَ الْقَوْلَ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِقَوْلِهِ إنْ احْتَاجَتْ.
(وَأَعْظَمَ) أَيْ اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ الْإِمَامُ (مَالِكٌ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنْ يُشْرَكَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَالرَّاءِ (مَعَهُمْ) أَيْ خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ (غَيْرُهُمْ) فِي خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ (لِأَنَّهَا) أَيْ خِدْمَةَ الْكَعْبَةِ (وِلَايَةٌ) لَهُمْ (مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا حَافَظُوا عَلَى حُرْمَتِهِ، وَلَازَمُوا الْأَدَبَ فِي خِدْمَتِهِ، وَإِلَّا جُعِلَ عَلَيْهِمْ مَشْرِقٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِ أَخْذِهِمْ أُجْرَةً عَلَى فَتْحِ الْبَيْتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا كَمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِالْبَيْتِ مَا شَاءُوا قَالَهُ الْحَطّ. وَنَسَبَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ التَّشْرِيكَ نَوْعٌ مِنْ الِانْتِزَاعِ الْوَارِدِ فِي خَبَرِ هِيَ لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْتَزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ. وَعَطَفَ عَلَى الْبَدَنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ
فَقَالَ (وَ) لَزِمَ (الْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ) مَنْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ أَوْ نَذَرَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَلْ (وَلَوْ) حَلَفَ بِهِ أَوْ نَذَرَهُ (لِصَلَاةٍ) فِيهِ فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ. اللَّخْمِيُّ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ خَارِجُ الْمَذْهَبِ، صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ آخِرَ الشِّفَاءِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ مُحْرِزٍ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute