للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ وَاسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ إلَّا لِخِدْمَةٍ،

ــ

[منح الجليل]

الْمُسْلِمِينَ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا الْخَوْفُ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ أَوْ بِذُرِّيَّةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِ التُّرْسِ، ثَانِيًا الْخَوْفُ مِنْهُمْ عَلَى أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ إنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يُعْتَبَرُ التُّرْسُ، ثَالِثُهَا أَنْ لَا يُخَافَ مِنْهُمْ، فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ قُوتِلُوا أَوْ لَا يُقْصَدُ التُّرْسُ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا عَلَى الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى تَقْرِيرِ أَحْمَدَ يُتْرَكُونَ فِيهِمَا.

(وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ (نَبْلٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مَعْنَاهُ السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ مُؤَنَّثٌ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ (سُمَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ الْمِيمِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرُ النَّبْلِ، فَالْمُنَاسِبُ سُمَّتْ أَيْ جُعِلَ فِيهَا السُّمُّ الْقَاتِلُ أَيْ حَرُمَ عَلَيْنَا رَمْيُهُمْ بِهَا، وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُسَمَّ النَّبْلُ وَالرِّمَاحُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، فَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْحُرْمَةِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْعَدُوِّ نَبْلٌ مَسْمُومٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَكَرِهَ سَحْنُونٌ جَعْلَ سُمٍّ فِي قِلَالِ خَمْرٍ لِيَشْرَبَهَا الْعَدُوُّ وَهِيَ عَلَى بَابِهَا وَلَوْ كَانَ فِي الْقَتْلِ بِهَا مُثْلَةٌ وَتَعْذِيبٌ لِجَوَازِهَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ قِتْلَةٍ وَحُرْمَةُ الْمُثْلَةِ الْآتِيَةِ خَاصَّةٌ بِمَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ.

(وَ) حَرُمَ عَلَيْنَا (اسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ) أَيْ كَافِرٍ فِي الصَّفِّ وَالزَّحْفِ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ. لِلطَّلَبِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُمْنَعُ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ غَزْوُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ قَبْلَ إسْلَامِهِ. عج وَفِيهِ شَيْءٌ. عب لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صَفْوَانَ كَانَ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَجَازَهُ لِلتَّأَلُّفِ لَا لِخُرُوجِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. وَيَدُلُّ لِأَصْبَغَ ظَاهِرُ خَبَرِ مُسْلِمٍ «ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَهُ لِيَهُودِيٍّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ» . وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ وَهُوَ بَدْرٌ بِدَلِيلِ غَزْوِ صَفْوَانَ مَعَهُ فِي حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْبِيرِهِ بِمُشْرِكٍ الْحَدِيثَ، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِ الْمُصْطَفَى بِهِ لِرَدِّ الْكِتَابِيِّ فَلَا يُقَالُ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي جَوَازَهَا بِكِتَابِيٍّ مَعَ مَنْعِهَا أَيْضًا (إلَّا لِخِدْمَةٍ) مِنْهُ لَنَا كَحَفْرٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ رَمْيٍ بِمَنْجَنِيقٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَلَا تَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>