للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ، وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ: كَمَرْأَةٍ إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ

وَفِرَارٌ؛ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا

ــ

[منح الجليل]

(وَ) حَرُمَ (إرْسَالُ مُصْحَفٍ) وَلَوْ طَلَبَهُ الطَّاغِيَةُ لِيَتَدَبَّرَهُ خَشْيَةَ إهَانَتِهِمْ (لَهُ) أَوْ إصَابَةِ نَجَاسَةٍ، وَأَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ كَآيَةٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ بَعْدُ فَلَا يُقَالُ مَفْهُومُ مُصْحَفٍ أَنَّ مَا دُونَهُ وَلَوْ الْجُلُّ لَا يَحْرُمُ إرْسَالُهُ وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ الْآتِي فِيمَا يَجُوزُ وَبُعِثَ كِتَابٌ فِيهِ كَآيَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ طَلَبَك كَافِرٌ أَنْ تُعَلِّمَهُ قُرْآنًا فَلَا تَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْفِقْهَ. وَكَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إعْطَاءَهُمْ دِرْهَمًا فِيهِ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى اُنْظُرْ الْحَطّ.

(وَ) حَرُمَ (سَفَرٌ بِهِ) أَيْ الْمُصْحَفِ (لِأَرْضِهِمْ) أَيْ بِلَادِ الْكُفَّارِ تَنَازَعَ فِيهِ إرْسَالٌ وَسَفَرٌ وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَثِيرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُتُبَ الْحَدِيثِ كَالْقُرْآنِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ (كَ) سَفَرٍ بِ (امْرَأَةٍ) لِأَرْضِهِمْ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ زَوْجَةٍ لِمُسْلِمٍ فَيَحْرُمُ (إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَيَجُوزُ السَّفَرُ بِالْمَرْأَةِ خَاصَّةً، وَلِذَا فَصَلَ بِالْكَافِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّهُ عَلَى نَفْسِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ، وَلَا يُشْعَرُ بِهِ، وَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي سَفَرِ الْغَزْوِ؛ لِأَنَّ جَيْشَهُ آمِنٌ» .

(وَ) حَرُمَ (فِرَارٌ) مِنْ عَدُوٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْجِهَادُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مَنْدُوبًا (إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ مَعَهُمْ سِلَاحٌ (النِّصْفَ) مِنْ عَدَدِ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَوْ فَرَّ الْأَمِيرُ فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجُمْهُورِ الْعَدَدُ لَا الْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَتَخْتَصُّ الْحُرْمَةُ بِمَنْ فَرَّ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِلَاحٌ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا النِّصْفَ فَلَا يَحْرُمُ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومٍ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ، وَقَيَّدَ فِيهِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا جَازَ الْفِرَارُ أَوْ الْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>