بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ
ــ
[منح الجليل]
مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَيْنَا فَارًّا مُسْلِمًا (بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ) بِمُدَّةٍ فَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِهِ.
(أَوْ) خَرَجَ الْعَبْدُ إلَيْنَا مُسْلِمًا (بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ) أَيْ السَّيِّدِ فَلَا يَكُونُ حُرًّا، فَقَوْلُهُ إنْ فَرَّ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ فِرَارِهِ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ بِمُدَّةٍ، وَفِرَارِهِ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، وَفِرَارِهِ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، أَخْرَجَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، وَالثَّانِيَ بِقَوْلِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُجَرَّدِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَفَادَهُ عب تَبَعًا لتت. طفي لَا تَخْفَى رَكَاكَتُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعَبْدِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّرُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِ فِرَارٍ، وَلَا غَنِيمَةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا يَزُولُ مِلْكُ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، بَلْ حَتَّى يَفِرَّ أَوْ يُغْنَمَ، فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ حُرًّا خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ.
وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَخَرَجَ الْعَبْدُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ شَمِلَ تَقَدُّمَ إسْلَامِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ وَإِسْلَامَهُمَا مَعًا، فَهُوَ كَقَوْلِهَا وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ إلَيْنَا مُسْلِمًا وَتَرَكَ سَيِّدَهُ مُسْلِمًا فَهُوَ رِقٌّ لَهُ إنْ أَتَى، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ " ظ " تَقَدَّمَ إسْلَامُ الْعَبْدِ عَلَى إسْلَامِ السَّيِّدِ أَمْ لَا، هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي يَرَى أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ لَا يُزِيلُ مِلْكَ سَيِّدِهِ حَتَّى يَخْرُجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ يُزِيلُ مِلْكَ سَيِّدِهِ عَنْهُ، فَإِنَّمَا يَكُونُ رِقًّا إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُ السَّيِّدِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُ الْعَبْدِ فَهُوَ حُرٌّ بِنَفْسِ إسْلَامِهِ اهـ.
الْبُنَانِيُّ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لَا عَلَى بَعْدُ أَيْ لَا بِخُرُوجِهِ، وَلَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ فَرَّ إلَيْنَا إلَخْ، لَكِنْ أَتَى بِهِ لِنُكْتَةِ خِلَافِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَوْ بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ فَعَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَحَلًّا وَصَحَّ بَيْعُهُ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ، وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ. وَدَلِيلُ الْمَشْهُورِ عِتْقُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِلَالًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ مَوَالِيهِ مُسْلِمًا وَهُمْ يُعَذِّبُونَهُ فِي إسْلَامِهِ، وَكَانَ، وَلَاؤُهُ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute