وَهَدَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمَ بَعْدَهُ وَوَلَدُهُ وَمَالُهُ
ــ
[منح الجليل]
(وَهَدَمَ) بِإِهْمَالِ الدَّالِ أَيْ أَسْقَطَ وَنَقَضَ وَإِعْجَامُهَا أَيْ قَطَعَ بِسُرْعَةٍ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (السَّبْيُ) مِنَّا لِزَوْجَيْنِ كَافِرَيْنِ (النِّكَاحَ) بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ وَهَذَا قِسْمٌ، أَوْ سُبِيَتْ هِيَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَقُدُومِهِ بِأَمَانٍ أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ أَوْ سُبِيَ هُوَ فَقَطْ، فَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ يَنْهَدِمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا. وَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لَا عِدَّةٍ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً تَحِلُّ لِسَابِيهَا بِحَيْضَةٍ، وَسَوَاءٌ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ حَصَلَ إسْلَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا بَيْنَ سَبْيِهِمَا إذَا تَرَتَّبَ أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ فِي الثَّانِيَةِ بَقِيَا عَلَى كُفْرِهِمَا أَوْ أَسْلَمَا بَعْدَ سَبْيِهِمَا وَلَوْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ عَلَى إسْلَامِهَا، وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ مِلْكٌ لِلسَّابِي، وَيُقَرُّ عَلَيْهَا فِي الثَّالِثِ إنْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّتِهَا وَأَقَرَّ عَلَيْهَا فِي الرَّابِعِ إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ، وَلَهَا الْخِيَارُ فِيهِمَا إذْ هِيَ حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدِ السَّابِي، وَبَقِيَ قِسْمٌ خَامِسٌ وَهُوَ سَبْيُهَا وَإِسْلَامُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ.
وَلَمَّا دَخَلَ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تُسْبَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ زَوْجَةُ الْحَرْبِيِّ (وَتُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ زَوْجَةُ الْحَرْبِيِّ (بَعْدَ) الْإِسْلَامِ مِنْهُ أَيْ زَوْجِهَا الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُسْتَأْمَنِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ صَرِيحًا مَا يَدُلُّ عَلَى مَرْجِعِ هَذَا الضَّمِيرِ وَتَنَازَعَ فِي بَعْدِ تُسْبَى وَتُسْلِمَ فَلَا يَهْدِمُ سَبْيُنَا نِكَاحَهُمَا، وَيُقَرَّانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ، لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبْيٌ وَبِإِسْلَامِهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ وَبِعَدَمِ الْبُعْدِ بَيْنَ إسْلَامِهِمَا، وَمِثْلُ إسْلَامِهَا عِتْقُهَا، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ بَعْدَهُ عَلَى السَّبْيِ مُرَادًا بِهِ سَبْيُ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا سُبِيَا انْهَدَمَ النِّكَاحُ بِلَا تَفْصِيلٍ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَوْدُهُ لِقُدُومِهِ بِأَمَانٍ لِمَا عَلِمْت أَيْضًا أَنَّهَا إذَا سُبِيَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ اهـ عب.
(وَوَلَدُهُ) أَيْ الْحَرْبِيِّ، الَّذِي أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ فِي بَلَدِهِ حَتَّى غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ فَغَنِمُوا وَلَدَهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَرُقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ (وَمَالُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute