للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجَبَ الْوَفَاءُ وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا كَمَنْ أَسْلَمَ، وَإِنْ رَسُولًا؛ إنْ كَانَ ذَكَرًا.

وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ، ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ بِمَالِهِ،

ــ

[منح الجليل]

تَحَقَّقَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إنْذَارٍ.

(وَوَجَبَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْوَفَاءُ) لَهُمْ بِمَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَدِّ رَهَائِنِهِمْ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ عَهْدُنَا لَهُمْ مُتَلَبِّسًا (بِرَدِّ رَهَائِنَ) كُفَّارٍ عِنْدَنَا بَاقِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ، بَلْ (وَلَوْ أَسْلَمُوا) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - رَأَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرُّسُلِ وَالرَّهَائِنِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونًا رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَسْلَمَ رَسُولُ أَهْلِ الْحَرْبِ رُدَّ إلَيْهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَلَوْ شَرَطُوهُ وَثَالِثُهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوهُ اهـ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ.

وَشَبَّهَ فِي الْوَفَاءِ بِالرَّدِّ فَقَالَ (كَمَنْ أَسْلَمَ) مِنْهُمْ عِنْدَنَا وَلَيْسَ رَهْنًا فَيُرَدُّ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (رَسُولًا) مِنْهُمْ إلَيْنَا بَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَرْطَهُمْ قَاصِرٌ عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ هَارِبًا لَا طَائِعًا وَرَسُولًا، وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ كَانَ) مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرَّهَائِنِ أَوْ الرُّسُلِ أَوْ غَيْرِهِمْ (ذَكَرًا) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِمْ، وَلَوْ شَرَطُوا رَدَّهَا صَرِيحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] .

(وَفُدِيَ) . بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنْ أَسْلَمَ وَرُدَّ إلَى الْكُفَّارِ مِنْ الرَّهَائِنِ وَالرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ وَأَوْلَى الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ الْمَأْسُورُ عِنْدَهُمْ (بِالْفَيْءِ) أَيْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وُجُوبًا عَلَى الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ الذِّمِّيُّ فَلَا يُفْدَى بِفَيْءٍ وَلَا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مَالِهِ.

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِالْفَيْءِ فُدِيَ (بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ لَا مَنْ بَعُدَ وَاجِدًا. رَوَى أَشْهَبُ وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَمْ يَخْشَ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ فُدِيَ (بِمَالِهِ) أَيْ الْأَسِيرِ، وَقُدِّمَ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَتَخْلِيصُهُ بِهِ بِلَا مَالٍ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>