للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ عَلَى الْمَلِيِّ وَالْمُعْدِمِ؛

ــ

[منح الجليل]

وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ تَقْدِيمُ مَالِهِ عَلَى الْفَيْءِ، وَاخْتَارَهَا اللَّخْمِيُّ.

(وَرَجَعَ) الْفَادِي الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا بِغَيْرِ عِلْمِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُفْدِي الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ وَفِدَاءُ هَذَا كَجِنَايَتِهِ، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِيهِ وَفِدَائِهِ (بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فِيهِمَا يُدْفَعُ لِلْفَادِي بِمَحَلِّ الْفِدَاءِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَقِيمَتُهُ فِيهِ (وَقِيمَةُ غَيْرِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ، وَمِثْلُ مَا قَالَهُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الرُّجُوعُ يَقُولُ الْمُفْدِي افْدِنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَالْمِثْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ الْمُفْدَى بِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَقَرُّرٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْدِي وَلَا الْتَزَمَهُ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْفِدَاءِ، فَصَارَ دَفْعُهُ كَهَلَاكِهِ.

وَاسْتَشْكَلَ الرُّجُوعُ بِأَنَّ كَوْنَ فِدَائِهِ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُفْدِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَهُ، كَدِيَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ لَكَانَ فِدَاؤُهُ بِمَالِهِ الْمَوْجُودِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ مُقَدَّمًا عَلَى مَالِهِمْ. وَلَمَّا كَانَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ فَائِدَةٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِيمَا إذَا فَدَاهُ مُعَيَّنٌ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُفْدِيهِ بِالْفَيْءِ وَلَا بِمَا يَجْمَعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ جَاهِلًا وُجُوبَهُ عَلَى الْإِمَامِ قَاصِدًا الرُّجُوعَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَالِ الْمُفْدِي عَلَى الْفَيْءِ فَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاس أَنْ لَا يُتَّبَعَ الْمُفْدَيْ بِشَيْءٍ.

وَصِلَةُ رَجَعَ (عَلَى الْمَلِيءِ) يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْآنَ (وَ) عَلَى (الْمُعْدِمِ) بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ. طفي هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ فَيُرْجَعُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ. اهـ. وَهَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ، فَقَوْلُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَيْ مُقْتَضَاهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ إنْ فَدَى أَسِيرًا لَا مَالَ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَهُ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ هَذَا وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>