للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ: يَا طَالِقُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقٍ: الْتِفَاتُ لِسَانِهِ

ــ

[منح الجليل]

أَوْ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ مَنْ أَلْزَمَ السَّكْرَانَ طَلَاقَهُ وَعِتْقَهُ إذَا كَانَ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنْ كَانَ سُكْرُ شَارِبِ السَّكَرَانِ كَسُكْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَيَخْتَلِطُ بِهِ عَقْلُهُ كَالسَّكْرَانِ مِنْ الْخَمْرِ فَلَهُ حُكْمُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَسْكَرَ بِهِ أَوْ يُسْقَاهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ السَّكْرَانَ إنَّمَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ.

(أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (لِمَنْ) أَيْ زَوْجَتِهِ الَّتِي (اسْمُهَا طَالِقٌ) بِاللَّامِ (يَا طَالِقُ) قَاصِدًا بِهِ نِدَاءَهَا فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا، وَلَا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ عَلَى الطَّلَاقِ عُمِلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَادَّعَى قَصْدَ النِّدَاءِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَثَرَ لِقَصْدِ لَفْظٍ يَظْهَرُ مِنْهُ غَيْرُ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ.

(وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فِي) نِدَاءِ مَنْ اسْمُهَا (طَارِقٌ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقٌ بِاللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) مِنْ الرَّاءِ لِلَّامِ بِلَا قَصْدٍ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ بِدَلِيلِ تَغْيِيرِهِ أُسْلُوبَ مَا قَبْلَهُ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامَا وَادَّعَى الْتِفَافَ لِسَانِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. ابْنُ غَازِيٍّ وَقُبِلَ مِنْهُ الْتِفَافُ لِسَانِهِ الْتِوَاؤُهُ وَهُوَ بِفَاءَيْنِ مُكْتَنِفَيْنِ الْأَلِفَ وَمَنْ جَعَلَ بَعْدَ الْأَلْفِ تَاءً مُثَنَّاةً مِنْ فَوْقٍ فَقَدْ صَحَّفَ اهـ تت. هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ فَفِي الْقَامُوسِ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ اهـ طفي. قِيلَ لَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ لِأَنَّ لَفَتَ مَصْحُوبٌ بِالْقَصْدِ وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ لَفَتَهُ إذَا صَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ بِقَصْدٍ مِنْهُ وَتَحَيُّلٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [يونس: ٧٨] اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي لَفَتَ لَا فِي الْتَفَتَ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ فَالْتَفَتَ أَيْ صَرَفَهُ فَانْصَرَفَ، أَيْ قَبِلَ انْصِرَافَهُ عَنْ الْمَقْصُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>