أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ، وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ
أَوْ أُكْرِهَ، وَلَوْ
ــ
[منح الجليل]
وَرُدَّ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ بِأَنَّ فِي الصِّحَاحِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: اللَّفْتُ بِالْفَتْحِ اللَّيُّ، وَفِي الْحَدِيثِ فِي قُرَّاءِ الْمُنَافِقِينَ «يَلْفِتُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ» كَمَا تَلْفِتُ الدَّابَّةُ الْخَلَا الْحَشِيشَ، وَيُقَالُ الْتَفَتُّ مَلْفَتًا وَتَلَفُّتًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ الْتِفَاتٌ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا. الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ، لِأَنَّهُ مَصْدَرُ غَيْرِ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ قِيَاسِيٌّ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا فِي الْأَلْفِيَّةِ وَالْمُرَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْقَامُوسِ، وَنَصُّهُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ وَمِنْهُ الِالْتِفَاتُ وَاللَّفْتُ.
(أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ وَلَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ (يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (عَمْرَةُ) لِظَنِّهَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا أَوْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا (فَطَلَّقَهَا) أَيْ خَاطَبَ الزَّوْجُ عَمْرَةَ الَّتِي أَجَابَتْهُ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّهَا حَفْصَةُ الَّتِي نَادَاهَا (فَالْمَدْعُوَّةُ) أَيْ حَفْصَةُ الَّتِي دَعَاهَا الزَّوْجُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْفُتْيَا لَا عَمْرَةُ الْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا.
(وَطَلَقَتَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَفْصَةُ الْمَدْعُوَّةُ بِقَصْدِهِ طَلَاقَهَا بِالصِّيغَةِ الَّتِي خَاطَبَ بِهَا عَمْرَةَ وَعَمْرَةُ بِخِطَابِهَا (مَعَ) شَهَادَةِ (الْبَيِّنَةِ) عَلَيْهِ أَوْ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، فَلَوْ قَالَ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَيُحْتَمَلُ إنْ أَلِفَ طَلَقَتَا لِطَارِقٍ الَّتِي الْتَفَتَ فِيهَا لِسَانُهُ إلَى طَالِقٍ وَحَفْصَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَزِيَادَةِ فَائِدَتِهِ.
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ فَأَرْبَعَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ، هَذَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْقَوْلِ بِطَلَاقِهِمَا وَبَقَائِهِمَا وَطَلَاقِ عَمْرَةَ دُونَ حَفْصَةَ وَعَكْسِهِ، وَلَا أَعْرِفُهَا إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ طَلَقَتْ، وَفِي طَلَاقِ حَفْصَةَ خِلَافٌ.
وَعَطَفَ عَلَى سَبَقَ أَيْضًا فَقَالَ (أَوْ أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الزَّوْجُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ، وَلِخَبَرِ «حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، إنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَيْسَ شَرْعِيًّا، بَلْ (وَلَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute