للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَعْلَمْ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهُ (لَمْ يَعْلَمْ) بِالْحِنْثِ قَبْلَ وَطْئِهِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَقَطْ. وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِحِنْثِهِ فِيهَا تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِحِنْثِهِ أَوْ أَكْرَهَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَانِيَةٌ.

ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنِصْفٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا، وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ لَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ إنْ مَاتَ إنَّمَا عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ. وَسُمِعَ أَبُو زَيْدٍ كَتَبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ دَخَلَ بِامْرَأَةٍ حَلَفَ طَلَاقَهَا أَلْبَتَّةَ إنْ تَزَوَّجَهَا فَكَتَبَ إلَيْهِ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَقَالَ تَزَوَّجْهَا وَإِثْمُكُمَا فِي رَقَبَتِي، وَزَعَمَ أَنَّ الْمَخْزُومِيَّ مِمَّنْ حَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بِمِثْلِ هَذَا.

ابْنُ رُشْدٍ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ دَخَلَا وَمُرَاعَاةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِلَافَ فِيهِ شُذُوذٌ. أَبُو عُمَرَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفْتَى ابْنُ وَهْبٍ. وَقَالَ نَزَلْت بِالْمَخْزُومِيِّ فَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، وَقَالَ كَأَنَّ عَامَّةَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَحْوِ هَذَا الْقَوْلِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ إلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ بَعْضَهَا وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُخَالِفُهَا أَحْسَنُهَا مَا خَرَّجَ قَاسِمٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ» ، وَرُوِيَ «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ» ، وَرُوِيَ «لَا طَلَاقَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ» .

قُلْت فِي أَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ أَبُو دَاوُد عَنْ مُطَرِّفٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» . قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي جَوَازِ نِكَاحِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا لِلْحَالِفِ وَمَنْعِهِ مَعَ مُضِيِّهِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْبِنَاءِ، رَابِعُهَا يُفْسَخُ أَبَدًا. وَخَامِسُهَا الْوَقْفُ، وَعَزَاهَا لِقَائِلَيْهَا فَانْظُرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>