كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا، لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ فَقَالَ (كَأَنْ) طَلَّقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهُنَّ وَ (أَبْقَى) الْمُطَلِّقُ لِنَفْسِهِ (كَثِيرًا) مِنْ النِّسَاءِ لَمْ يُطَلِّقْهُنَّ، سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقُهُ بِتَعْلِيقٍ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا، أَوْ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ بِدُونِهِ؛ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا، أَوْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ. وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَبْقَاهُ مُسَاوِيًا لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا.
وَبَيْنَ إبْقَاءِ الْكَثِيرِ بِقَوْلِهِ (بِذِكْرِ جِنْسٍ) لُغَوِيٍّ وَإِنْ كَانَ صِنْفًا مَنْطِقِيًّا كَكُلِّ تُرْكِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (أَوْ) بِذِكْرِ (بَلَدٍ) كَكُلِّ مِصْرِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقَةٌ (أَوْ) بِذِكْرِ (زَمَانٍ يَبْلُغُهُ) أَيْ يَصِلُ إلَيْهِ (عُمُرُهُ ظَاهِرًا) أَيْ يُشْبِهُ حَيَاتَهُ إلَيْهِ غَالِبًا. وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ عُمُرِ الْحَالِفِ مِنْ شُبُوبِيَّةٍ وَكُهُولَةٍ وَشَيْخُوخَةٍ، كَكُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فِي هَذَا الْعَامِ طَالِقٌ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا عَنْ نَحْوِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا إلَى تِسْعِينَ سَنَةً طَالِقٌ، فَلَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْيَمِينُ، وَيُشْتَرَطُ فِي اللُّزُومِ أَيْضًا أَنْ يَبْقَى مُدَّةً بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يُنْتَفَعُ بِالزَّوَاجِ فِيهَا عَادَةً وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ عَمَّ النِّسَاءَ دُونَ قَيْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْحَرَجِ. ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا نَصُّ الْمَذْهَبِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ لُزُومَهُ مَعَ رِوَايَةِ عُمُومِ اللُّزُومِ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا حَرَامٌ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلُّ بِكْرٍ كَذَلِكَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْعُمُومَ الْمَقْصُودَ أَشَدُّ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ. قُلْت هَذَا اعْتِرَافٌ بِتَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي صُورَةِ التَّفْصِيلِ وَالْحَقُّ مَنْعُهُ. أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَذَلِكَ ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاوُلِهِ بَعْضَ الْجِنْسِ وَهُوَ مُتَعَلَّقُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ. وَعِلَّةُ الْإِسْقَاطِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، إنَّمَا هِيَ الْمَشَقَّةُ النَّاشِئَةُ عَنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَهِيَ هُنَا عَنْ لَفْظٍ خَاصٍّ فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ بِحَالٍ، وَإِذَا أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا وَكَانَ مُتَزَوِّجًا فَ (لَا) تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ (فِيمَنْ تَحْتَهُ) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْحَالِفِ مِنْ الزَّوْجَاتِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute