للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

أَصْلُهُمَا قَوْلَانِ، قَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الثَّانِي، وَمَحَلُّهُمَا فِي الْقِصَاءِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى تَصْدِيقِهِ فِي الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوثَقَةً فَلَا يُصَدَّقُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ، فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَلَوْ سَأَلَتْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا قَالَ، بَلْ مُوثَقَةٌ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ كَوْنُهُ إخْبَارًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ: سَتَطْلُقِينَ.

فَإِنْ قِيلَ سَبَقَ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَبْيِينِ الْمُجْمَلِ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الْبِسَاطِ، وَأَنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَيْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي صَرْفَ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ عَنْهُ بِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْبِسَاطِ، وَقَدْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهَا لَا تَصْرِفُهَا عَنْهُ، وَأَنَّ الْبِسَاطَ يَصْرِفُهَا عَنْهُ قَبْلَ شَرْطِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ مُسَاوَاتُهَا عُرْفًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ، وَهِيَ هُنَا بَعِيدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَانْضَمَّ لِهَذَا خَفَاؤُهَا فَاحْتِيطَ لِلْفُرُوجِ بِإِلْغَائِهَا، وَاعْتُبِرَ الْبِسَاطُ لِظُهُورِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " مَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ إلَخْ هَذَا الْقَيْدُ حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ بِقِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ وَقِيلَ إنْ أَتَى مُسْتَفْتِيًا صُدِّقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ نِيَّتِهِ يُوجِبُهُ. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّهَا.

فَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا، قَالَ أَرَى الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كَلَامًا مُبْتَدَأً أَنْتِ بَرِيَّةٌ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُؤْخَذُ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَلَا تَنْفَعُهُمْ نِيَّاتُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إذَا كَانَتْ فِي وَثَاقٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَعْنِي مِنْ الْوَثَاقِ دَيَّنْتُهُ وَنَوَيْته. ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَعْلِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمُسْتَفْتِي فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَقَدْ سَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>