وَالثَّلَاثُ فِي: " بَتَّةٌ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً،
ــ
[منح الجليل]
كَلَامَهَا. ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَبَحَثَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ فَقَالَ إلْزَامُ الطَّلَاقِ فِيهَا لَوْ قِيلَ أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ مَا صَنَعْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ وَأَرَادَ الْإِخْبَارَ، فَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْفَتْوَى إجْمَاعًا، ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ مَسْأَلَةُ الْوَثَاقِ عَلَى اللُّزُومِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى. اهـ. وَاعْتَمَدَ طفي كَلَامَ الْقَرَافِيِّ وَمَالَ إلَى تَقْيِيدِ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْقَضَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ كَلَامِهَا مَعَ تَسْلِيمِهِ الشُّيُوخَ إلَى مُجَرَّدِ بَحْثِ الْقَرَافِيِّ، وَقَدْ قَدَّمَ طفي قَرِيبًا وَمَا بِالْعَهْدِ مَنْ قَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ كَلَامَهَا حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، كَيْفَ وَقَدْ سَلَّمَهُ هُنَا الشُّيُوخُ.
نَعَمْ بَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا نِيَّةُ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَقُلْ وَنَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا نِيَّةٌ تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الْحُكْمُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ دَعْوَاهُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِيَّةٌ مُزَاحِمَةٌ لِلطَّلَاقِ بَاطِلَةٌ، لِقَوْلِهِ فِيهَا لَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَلْبِهِ شَيْئًا غَيْرَ الطَّلَاقِ وَحَكَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهِ إيَّاهُ.
فَإِنْ قُلْت الْمُزَاحِمُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَيِّنٌ وَهُوَ إطْلَاقُهَا مِنْ الْوَثَاقِ فِيمَا هُوَ فِي أَنْتِ بَرِيَّةٌ.
قُلْنَا هُوَ كَثِيرٌ كَكَوْنِهَا بَرِيَّةً مِنْ الْفُجُورِ، أَوْ الْخَيْرِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ.
(وَ) تَلْزَمُ (الثَّلَاثُ فِي) قَوْلِهِ لَهَا أَحَدَ أَلْفَاظٍ خَمْسَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ (بَتَّةٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ، فَقَدْ قَطَعَ الْعِصْمَةَ وَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ وَلَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا.
(وَ) كَذَا (حَبْلُك) أَيْ عِصْمَتُك (عَلَى غَارِبِك) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ كَتِفِك فَلَمْ يَبْقَ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةً بَائِنَةً) فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ نَظَرًا لِلَفْظِ بَائِنَةٍ وَإِلْغَاءً لِوَاحِدَةٍ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ تَقْدِيرُ وَاحِدَةٍ صِفَةً لِمَرَّةٍ أَيْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ (أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute