للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا وَحَلَفَ، وَإِلَّا لَزِمَ إنْ قَالَ أَبِيعُكهَا بِكَذَا. أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ

ــ

[منح الجليل]

الْبُنَانِيُّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلِ غَيْرِهِ، لَكِنْ لَمَّا اسْتَنَدَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ، وَكَانَ قِيَاسُهُ مَطْعُونًا فِيهِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ الْبَحْثَ فِيهِ، وَجَزَمَ بِاللُّزُومِ وَلَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ الْحَلِفُ فِيهِ أَوْلَى مِنْ الْآتِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ دَلَالَةَ الْأَمْرِ عَلَى الرِّضَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مُحْتَمَلًا.

(وَ) يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي (ابْتَعْت) أَيْ اشْتَرَيْت مِنْك كَذَا بِكَذَا (أَوْ) قَوْلِ الْبَائِعِ (بِعْتُك) كَذَا بِكَذَا (وَيَرْضَى) الشَّخْصُ (الْآخَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَحَلَفَ) الْبَادِي بِصِيغَةِ مُضَارِعٍ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ لَا أَرْضَى وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ (لَزِمَ) هـ الْبَيْعُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (إنْ قَالَ) لِلْبَائِعِ ابْتِدَاءً (أَبِيعُهَا) أَيْ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِشِرَائِهَا بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ أَرْضِ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْمُسَاوَمَةَ أَوْ الْمَزْحَ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ (أَوْ قَالَ) الْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً (أَنَا أَشْتَرِيهَا) أَيْ السِّلْعَةَ مِنْك (بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ الْمَعْلُومِ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِبَيْعِهَا لَهُ بِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الِاخْتِبَارَ أَوْ الْمَزْحَ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ فَإِنْ كَانَ رُجُوعُ الْبَادِي قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ بِلَا يَمِينٍ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةِ الْمَاضِي الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَمَا هُنَا فِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَإِنْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِمَاضٍ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ، وَلَوْ حَلَفَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ وَإِلَّا عَمَلَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>