للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا فَقَالَ بِكَمْ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ، فَقَالَ أَخَذْتهَا.

وَشَرْطُ عَاقِدِهِ: تَمْيِيزٌ

ــ

[منح الجليل]

أَوْ) أَيْ وَحَلَفَ أَنْ (تَسَوَّقَ) أَيْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فِي سُوقِهَا الْمُعَدِّ لِبَيْعِهَا (فَقَالَ) لَهُ الْمُشْتَرِي (بِكَمْ) تَبِيعُهَا (فَقَالَ) الْبَائِعُ أَبِيعُهَا (بِمِائَةٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ، (فَقَالَ) السَّائِلُ (أَخَذْتهَا) أَيْ السِّلْعَةَ بِالْمِائَةِ فَقَالَ الْمُسَوِّقُ: لَمْ أُرِدْ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا أَرَدْت الْمُسَاوَمَةَ مَثَلًا فَيَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِتَسَوَّقَ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى إرَادَتِهِ بِأَنْ حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ فِي السَّوْمِ أَوْ سَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَالَ لَمْ أَرْضَ فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ تَسَوَّقَ بِهَا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ضَعَّفَهُ.

(وَشَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (عَاقِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا (تَمْيِيزٌ) أَيْ فَهْمُ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ بِالْكَلَامِ وَحُسْنُ رَدِّ جَوَابِهِ لَا مُجَرَّدُ الْإِجَابَةِ بِالدَّعْوَةِ وَالِانْصِرَافِ بِالزَّجْرِ لِوُجُودِ هَذَا فِي الْبَهَائِمِ، وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ. وَدَلِيلُ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ الْمُقَابَلَةُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلُزُومُهُ، وَدَلِيلُ تَقْدِيرِ عَقْدَانِ الشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ لِعَقْدٍ أَوْ عِبَادَةٍ لَا لِذَاتٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَوْمٍ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ رَاشِدٍ وَالْمُصَنِّفِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَقْدُ الْمَجْنُونِ حِينَ جُنُونِهِ يَنْظُرُ لَهُ فِيهِ السُّلْطَانُ بِالْأَصْلَحِ فِي إتْمَامِهِ وَفَسْخِهِ إنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَلْزَمُهُ عَقْدُهُ لِقَوْلِهِ مَنْ جُنَّ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ نَظَرَ لَهُ السُّلْطَانُ، وَلِسَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ لَيْسَ فِي عَقْلِهِ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا كَبَيْعِ السَّكْرَانِ، وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ دَلِيلَهُ الْأَوَّلَ بِطُرُوِّهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ، إذْ الْمَقِيسُ الْجُنُونُ فِيهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فِيهِ طَارٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ دَلِيلَهُ الثَّانِيَ فِيمَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ كَالْمَعْتُوهِ.

طفي اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ كَوْنُ عَاقِدِهِ مُمَيِّزًا فَلَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>