للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمْ صِحَّتُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُوجِبَ لِفَسْخِهِ شَرْعًا وَالرِّوَايَةُ كَذَلِكَ، سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ لَيْسَ فِي عَقْلِهِ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا كَبَيْعِ السَّكْرَانِ عِنْدَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ شَرْطُ الْعَاقِدِ إطْلَاقُ الْيَدِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، فَسَوَّى بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَمُرَادُهُ شَرْطُ اللُّزُومِ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْعِلَلِ الْعَارِضَةِ لِلْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَعِلَّتُهُ فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالسَّفَهِ وَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالرِّقِّ وَالسُّكْرِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ هَاهُنَا مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ النَّظَرُ وَلَيْسَ بِفَاسِدٍ شَرْعًا اهـ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا لِهَؤُلَاءِ مُعْرِضًا عَنْ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لَهُ بِرَدٍّ وَلَا قَبُولٍ، وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ كَبَيْعِ السَّكْرَانِ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ وَلَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ التَّمْيِيزِ كَالْمَعْتُوهِ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ؛ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِمَا يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِيهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ اهـ.

الْبُنَانِيُّ بَلْ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ كَلَامَهُمْ هُوَ الصَّوَابُ لِيُوَافِقَ مَا لِلْمُصَنِّفِ وَمَتْبُوعِيهِ، وَيَدُلُّ لَهُ تَشْبِيهُ ابْنِ رُشْدٍ بِالسَّكْرَانِ الْمُخْتَلَفِ فِي بَيْعِهِ، وَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ السَّكْرَانُ الَّذِي مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ التَّمْيِيزِ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَفَسَادِ الْبَيْعِ لِوُجُودِهَا مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْمَبِيعِ اهـ. ابْنُ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَقَوْلُ الْمُقْرِئ فِي قَوَاعِدِهِ. إنَّ الْعَقْدَ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَاسِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِتَوَقُّفِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَى الرِّضَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» فَلَا بُدَّ مِنْ رِضًا مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَفْقُودٌ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، فَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>