للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ

ــ

[منح الجليل]

النُّصُوصُ صَرِيحَةٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ طفي عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْمُعْلِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَمْيِيزٌ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (بِسُكْرٍ) حَرَامٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَحْوِ خَمْرٍ (فَ) فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ، فَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ اتِّفَاقًا. وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَدَمُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُوهِمُ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ فِي الطَّافِحِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ بِسُكْرٍ إلَخْ.

ابْنُ رُشْدٍ سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ إلَّا فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَسَكْرَانَ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَالْعُقُودُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اهـ.

فَقَوْلُهُ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَخْ ظَاهِرُهُ وُجُودُ الْخِلَافِ وَقَدْ بَحَثَ مَعَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يَقْضِيهَا بِلَا خِلَافٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ نَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى مَا فِي الْحَطّ خِلَافَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ مِنْ إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ فِي النَّوْعَيْنِ. وَأَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ بَيْعِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ طَرِيقَةَ ابْنِ شَعْبَانَ عَلَى مَا فَهِمَاهُ مِنْ كَلَامِهِ، وَنَصَّ ابْنُ شَاسٍ الْعَاقِدُ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ فَاقِدِهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إذَا كَانَ سُكْرُهُ مُتَحَقِّقًا.

الشَّيْخُ وَيَحْلِفُ مَعَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا عَقَلَ حِينَ فَعَلَ، ثُمَّ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْعَقِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>