. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
كَذَلِكَ، قِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَكَلَامُنَا فِي السَّلَمِ.
فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ كِرَاءَ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ تُقْبَضُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَلْزَمُهُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ إلَى أَجَلٍ. قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ أَوْ التَّمْكِينِ، فَإِذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهَا كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ، فَيَلْزَمُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ رَبِّهَا فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
صر حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَائِعِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ كَمَا فِي السَّلَمِ دُونَ الصُّورَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ، فَإِنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقٍ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْبَائِعِ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ قَوْلَ الْمُوَضِّحِ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ إلَخْ، يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْعَ فِي السَّلَمِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ يَئُولُ إلَى بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، فَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا نَظَرٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ فِيهِ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ بِخِلَافِ السَّلَمِ.
وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَصَرَّحَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ وَبَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً وَيُنْقَلُ إلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِكَوْنِ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقِيًا مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً، فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْقَرَافِيُّ الْعِبَارَةُ الْكَاشِفَةُ عَنْ الذِّمَّةِ أَنَّهَا مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ قَابِلُ الِالْتِزَامِ وَاللُّزُومِ، وَجَعَلَهُ الشَّارِعُ مُسَبَّبًا عَنْ أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ، مِنْهَا الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ، فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ. وَمِنْهَا عَدَمُ الْحَجْرِ فَلَا ذِمَّةَ لِلْمُفْلِسِ، فَمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا تَقْدِيرَ مَعْنًى يُقْبَلُ إلْزَامُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَأَجْرُ الْإِجَارَاتِ وَأَثْمَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute