للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوُهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَيُقْبَلُ الْتِزَامُهُ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي تُقَرَّرُ فِيهِ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً حَتَّى تَصِحَّ مُقَابِلَتُهَا بِالْأَعْوَاضِ الْمَقْبُوضَةِ، وَفِيهِ تُقَدَّرُ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَقَاتُ الْأَنْكِحَةِ وَسَائِرُ الدُّيُونِ وَمَنْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّرًا فِيهِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ سَلَمٌ وَلَا ثَمَنٌ إلَى أَجَلٍ وَلَا حَوَالَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَطَالَ فِي هَذَا ثُمَّ قَالَ شَرْطُهَا الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. ابْنُ الشَّاطِّ الْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهَا قَبُولُ الْإِنْسَانِ لِلُزُومِ الْحُقُوقِ دُونَ الْتِزَامِهَا، فَعَلَى هَذَا لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ نَقُولُ هِيَ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ وَالْتِزَامِهَا. الْبُنَانِيُّ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لِلْقَرَافِيِّ أَنَّ الْقَبُولَ الْمَذْكُورَ نَاشِئٌ، وَمُسَبَّبٌ عَنْ الذِّمَّةِ عَلَى مَا لِلْقَرَافِيِّ، وَعَلَى مَا لِابْنِ الشَّاطِّ عَيَّنَهَا وَاخْتَارَهُ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ تَعْرِيفُ الْقَرَافِيُّ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.

الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ إثْبَاتُ الذِّمَّةِ لِلصَّبِيِّ لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْدَعْته حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ أَجْنَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُودَعِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ جِنَايَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. الصِّقِلِّيُّ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ وَالدِّمَاءَ عَلَى حُكْمِ الْخَطَأِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح، وَكُلُّهُ صَرِيحٌ فِي إثْبَاتِ ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ اتِّفَاقٌ فِي الْمُمَيِّزِ، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، فَلَا يُشْتَرَطُ: فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ الْبُلُوغِ، اُنْظُرْ صَرْفَ الْهِمَّةِ إلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى الذِّمَّةِ لِلْمِسْنَاوِيِّ.

الثَّانِي: عَرَّفَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ فَلَيْسَ ذَاتًا وَلَا صِفَةً لَهَا فَيُقَدَّرُ الْمَبِيعُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَثْمَانِ، كَأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَ مَنْ هُوَ مَطْلُوبٌ بِهِ فَهِيَ الْأَمْرُ التَّقْدِيرِيُّ الَّذِي يَحْوِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَوْ عِوَضَهُ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ إنْ قَامَ زَيْدٌ وَنَحْوَهُ ذِمَّةٌ وَسَلَّمَهُ الْأَبِيُّ وَالرَّصَّاعُ وَالْمَشَذَّالِيُّ وَالْحَطّ، وَرَدَّهُ السَّنُوسِيُّ فِي حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْمُقَدَّرَ بَعْدَ إنْ الشَّرْطِيَّةِ يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِلذَّاتِ وَلَيْسَ مُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَلَا صِفَةً لَهَا مَا هُوَ صِفَةٌ فِي الْحَالِ فَقَطْ، بَلْ الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لَهَا مُطْلَقًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>