وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ: كَالْخَبَّازِ، وَهُوَ بَيْعٌ
ــ
[منح الجليل]
مِنْهُ وَالصَّانِعِ فِي السَّلَمِ، وَعَيَّنَ هُنَا الْمَصْنُوعَ مِنْهُ لِتَعَيُّنِ الْجُزْءِ الْمَصْنُوعِ، وَهَذِهِ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ مَا بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ، وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لِسَلَمٍ وَلَا لِبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَاَلَّذِي فِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ التَّوْرَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْقُمْقُمِ، وَقَالَ عِيَاضٌ هُوَ البِرْقَالُ قَالَ أَيْ الْإِبْرِيقُ.
(وَ) يَجُوزُ (الشِّرَاءُ) لِجُمْلَةٍ مَضْبُوطَةٍ كَقِنْطَارٍ تُؤْخَذُ فِي أَيَّامٍ كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى تَنْتَهِيَ (مِنْ) عَامِلٍ (دَائِمِ الْعَمَلِ) حَقِيقَةً بِأَنْ لَا يَفْتُرَ عَنْهُ غَالِبًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَيُشْبِهُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ، وَالْعَقْدُ فِي هَذِهِ لَازِمٌ لَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَجُوِّزَ الْعَقْدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مِقْدَارِ الْجُمْلَةِ وَعَقْدُ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُهَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ.
وَمَثَّلَ لِدَائِمِ الْعَمَلِ فَقَالَ (كَالْخَبَّازِ) وَالْجَزَّارِ وَالطَّبَّاخِ (وَهُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ (بَيْعٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ لِقَوْلِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِشَرْطِ دَفْعِ الثَّمَنِ مِنْ الْعَطَاءِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ وَقْتُ الْعَطَاءِ مَعْرُوفًا، أَيْ وَمَأْمُونًا. الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بَيْعَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِاشْتِهَارِهَا بَيْنَهُمْ وَهِيَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي أَوَائِلِ السَّلَمِ. قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ اللَّحْمَ بِسَعْرٍ مَعْلُومٍ يُؤْخَذُ كُلَّ يَوْمٍ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَيُشْرَعُ فِي الْأَخْذِ وَيَتَأَخَّرُ الثَّمَنُ إلَى الْعَطَاءِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَكُونُ لِأَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ يُسَمَّى مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَ الْعَطَاءُ يَوْمئِذٍ مَأْمُونًا وَلَمْ يَرَوْهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَاسْتَخَفُّوهُ وَذَكَرُوا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّرُوعِ فِي الْأَخْذِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا.
ابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُجْمِرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ نَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute