للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ:

كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ. وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ،

ــ

[منح الجليل]

ثَلَاثَةً، وَنَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ نَدْفَعَ مِنْ الْعَطَاءِ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَسَنًا. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ الْعَطَاءُ مَأْمُونًا وَأَجَلُ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ كُنَّا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ، وَلِاشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ سُمِّيَتْ بَيْعَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِهَا بِشَرْطَيْنِ الشُّرُوعُ فِي أَخْذِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَوْنُ أَصْلِهِ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَلَيْسَ سَلَمًا مَحْضًا، وَلِذَا جَازَ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَا شِرَاءَ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَقِيقَةً، وَلِذَا جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُ جَمِيعِهِ إذَا أَشْرَعَ فِي قَبْضِ أَوَّلِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ مَنَعَهُ وَرَآهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَقَالَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ الْمُجْمِرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ فِيهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّى فِيهِ السَّوْمَ وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْأَرْطَالِ الَّتِي اشْتَرَى مِنْهُ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ عَلَى عَدَدٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا التَّمَادِي عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْقِدَا بَيْعَهُمَا عَلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَإِجَازَةُ ذَلِكَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْأَرْطَالِ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا مَعْنَاهُ وَأَنَا أُجِيزُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا اتِّبَاعًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْقِيَاسُ اهـ.

(وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) عَمَلُهُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ يَعْمَلُ مَرَّةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى وَلَيْسَ حِرْفَتَهُ وَاشْتَرَى مِنْهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ (فَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ (سَلَمٌ) حَقِيقِيٌّ لَا بَيْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ السَّلَمِ الَّتِي مِنْهَا بَقَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَتَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ.

وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَقَالَ (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) فَيَجُوزُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ مِنْ وَصْفِ الْعَمَلِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَتَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ فِي نَحْوِ عَمَلِ السَّيْفِ (بِتَعْيِينِ) الشَّيْءِ (الْمَعْمُولِ مِنْهُ) كَالْحَدِيدِ (أَوْ) تَعْيِينِ الشَّخْصِ (الْعَامِلِ) وَأَوْلَى بِتَعْيِينِهِمَا مَعًا لِشِدَّةِ غَرَرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>