للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذِي الْجَاهِ

وَالْقَاضِي

ــ

[منح الجليل]

لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ شَغَلَ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إذَا نَضَّ أَنْ يُبْقِيَهُ بِيَدِهِ، وَبِهَذَا أَقُولُ وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ مِثْلِهَا وَعَدَمِ حُدُوثِ مُوجِبٍ.

(وَ) كَهَدِيَّةٍ إلَى (ذِي الْجَاهِ) فَتَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا وَلَمْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ. أَبُو عَلِيٍّ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ إلَّا إذَا كَانَ يُمْنَعُ غَيْرُهُ بِجَاهِهِ مِنْ أَمْرٍ يَجِبُ عَلَى ذِي الْجَاهِ دَفْعُهُ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ بِلَا مَشْيٍ وَحَرَكَةٍ، وَإِنَّ قَوْلَهُ وَذِي الْجَاهِ مُقَيَّدٌ بِهَذَا أَيْ مِنْ حَيْثُ جَاهُهُ فَقَطْ كَاحْتِرَامِ زَيْدٍ مَثَلًا بِذِي جَاهٍ، وَمُنِعَ مِنْ أَجْلِ احْتِرَامِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ زَيْدٍ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ تَجُوزُ الْمَسْأَلَةُ لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَ يَحْمِي بِسِلَاحِهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْمِي بِجَاهِهِ فَلَا لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ اهـ، يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ الذَّهَابُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ اهـ.

وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ الْقُورِيُّ عَنْ ثَمَنِ الْجَاهِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْجَاهِ فَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالْكَرَاهَةِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ مُفَصِّلٍ فِيهِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْجَاهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَتَعَبٍ وَسَفَرٍ فَأَخَذَ مِثْلَ أَجْرِ نَفَقَةِ مِثْلِهِ فَجَائِزٌ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْحَقُّ. وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ يَجُوزُ النَّاسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابَ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَاهٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ مَعَهُمْ بِقَصْدِ تَجْوِيزِهِمْ فَقَطْ لَا لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِمَا يَدْفَعُونَهُ لَهُ. وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَجُوزُ فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ.

(وَ) كَهَدِيَّةٍ إلَى (الْقَاضِي) فَتَحْرُمُ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي» ، وَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ جَوَازَ الْهَدِيَّةِ إلَيْهِ الَّتِي اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ قَوْلَيْنِ. قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ حُرْمَةِ الرِّشْوَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهَا أَحَدٌ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>