وَمُبَايَعَتِهِ مُسَامَحَةً، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ: كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ،
ــ
[منح الجليل]
مَا قَبْلَهَا، فَإِنْ الشَّافِعِيَّ جَوَّزَ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إذَا أَمْكَنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ أَوْ دَفْعُ مَظْلِمَتِهِ بِدُونِهَا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي فَقَطْ.
(وَ) حَرُمَ (مُبَايَعَتُهُ) أَيْ مَنْ تَحْرُمُ هَدِيَّتُهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي بَيْعًا (مُسَامَحَةً) أَيْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنْ وَقَعَ رَدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ قِيمَةُ الْمُقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ، وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُ بِلَا مُسَامَحَةٍ فَقِيلَ تَجُوزُ. وَقِيلَ تُكْرَهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ بِمُسَامَحَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى زِيَادَةِ الْمَدِينِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ (أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ الْأَصْوَبُ ضَبْطُهُ مَصْدَرًا مَرْفُوعًا مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَعَلَى هَدِيَّتِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَيْ وَجَرُّ مَنْفَعَةٍ، أَيْ لِلْمُقْرِضِ قَالَهُ " غ ".
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَلَّ أَجَلُهَا فَأَعْسَرَ بِهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَخِّرْهُ بِالْعَشَرَةِ وَأَنَا أُسْلِفُك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي يَكُونُ لَهُ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيَّنَ عَلَى مَا قَالَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا مِنْهُ لَهُ لِأَنَّهُ سَلَفُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ لِغَرَضٍ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، إذْ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُسْلِفُ مَنْفَعَةَ الَّذِي أَسْلَفَهُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْفَعَةِ مَنْ سِوَاهُ.
وَمَثَّلَ لِجَرِّ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ (كَشَرْطِ) قَضَاءِ شَيْءٍ (عَفِنٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ مُتَعَفِّنٍ أَوْ مُسَوِّسٍ (ب) شَيْءٍ (سَالِمٍ) مِنْ الْعَفَنِ وَالسُّوسِ وَمَبْلُولٍ بِيَابِسٍ وَقَدِيمٍ بِجَدِيدٍ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ بِمَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ نَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ فَقَطْ وَإِلَّا جَازَ وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ أَوْ الْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُ قَضَاءِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ إذَا كَانَ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عَادَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute