. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرُهَا ثُمَّ يُصَالِحُهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ، وَيَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَائِزٌ عِنْدَ أَصْبَغَ، إذْ لَمْ تَتَّفِقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ.
وَمِثَالُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَّ قَمْحٍ مِنْ قَرْضٍ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ سَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا مُعَجَّلَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَمُمْتَنِعٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَصْبَغَ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ أَيْ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ لَا مَعْنَى لَهُ، إذْ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ، وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَإِنْ فَرَضْنَاهُ الْجَوَازَ صَارَ الْمَعْنَى إنْ جَازَ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَازِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنْ فُرِضَ غَيْرُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ أَيْضًا إذْ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَنْعِ مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ مَا يَطْرَأُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُخَاصَمَةِ وَمَجْلِسِ الْفَصْلِ.
وَقَوْلُهُ مِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا. . . إلَخْ طفي اُنْظُرْ ذِكْرَهُمْ فِي الْمِثْلِ الْإِقْرَارُ الْمُخْتَلِطُ بِالْإِنْكَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَأَحْرَى عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ، فَالصَّوَابُ الِاقْتِصَارُ فِي التَّمْثِيلِ عَلَى مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ الْإِنْكَارُ الْمَحْضُ، إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ عِيَاضٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَا نَصُّهُ وَحُكْمُ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَمَا وَقَعَ مِنْ صُلْحٍ حَرَامٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ السُّكُوتِ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالْبَيْعِ وَكَذَا مَا وَقَعَ مِنْ صُلْحٍ حَرَامٍ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ فَيُصَالِحُهُ عَمَّا لَوْ انْفَرَدَ بِهِ الْإِقْرَارُ لَمْ يَجُزْ، كَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ وَدَرَاهِمَ فَاعْتَرَفَ بِالطَّعَامِ وَأَنْكَرَ الدَّرَاهِمَ فَصَالَحَهُ بِطَعَامٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ لِأَجَلٍ، أَوْ اعْتَرَفَ بِالدَّرَاهِمِ فَصَالَحَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ لِأَجَلٍ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصَالِحٌ بِحَرَامٍ، إذْ الْحَرَامُ فِيمَا حَصَلَ فِيهِ إقْرَارُهُمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ مِمَّا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ لِأَنَّ الْحَرَامَ وَقَعَ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute