وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ، فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا
ــ
[منح الجليل]
تَوَقُّعُ الْفَسَادِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ الْمَحْضِ. اهـ. فَالصُّلْحُ فِي الْإِنْكَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِقْرَارِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْإِقْرَارُ فَهُوَ كَالصُّلْحِ فِي الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ اهـ.
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ مِنْ صُوَرِ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَالْمِثَالِ الْأَخِيرِ عِنْدَ " ز "، فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ الْخِلَافِ عَلَى صُوَرِ الْإِنْكَارِ الْمَحْضِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ الِاقْتِصَارُ فِي التَّمْثِيلِ عَلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ لَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَ الْجَوَازِ فَاقْتَضَى مَفْهُومُهَا صُوَرَ الْأَبَدِ مِنْ التَّمْثِيلِ لَهَا، مِنْهَا مَا هُوَ مَحَلُّ خِلَافٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَلَا يُقَالُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ كَالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْدَرِجُ هُنَا، لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ فِي هَذَا غَيْرَ الْمُدَّعِي بِهِ، وَأَمْكَنَ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَذَلِكَ أَدْرَجُوهُ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَجَعَلُوا فِيهِ شُرُوطَهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا يُمْكِنُ فِيهِ الْجَوَازُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَا يَحِلُّ) الْمَالُ الْمُصَالَحُ بِهِ (لِلظَّالِمِ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِهِ لِلْمَظْلُومِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ حَكَمَ لَهُ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ قَوْلُهُ لِلظَّالِمِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ فِيمَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ بَاطِنَهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْقَضَاءِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا. وَأَمَّا مَا ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ فَيُحِلُّ الْحَرَامَ كَمَا أَفْتَى بِهِ " صر " كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرُفِعَ الْخِلَافُ.
وَفُرِّعَ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَيْ فَيَلْزَمُ إلَّا لِعَارِضٍ وَبَيَّنَ الْعَارِضَ، أَوْ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ فَقَالَ (فَلَوْ أَقَرَّ) الظَّالِمُ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَوْ مُدَّعِيًا بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ فَلِلْمَظْلُومِ نَقْضُهُ، لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ (أَوْ شَهِدَتْ) لِلْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ (بَيِّنَةٌ) عَدْلَانِ، فَإِنْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ فَلَا يُقْضَى بِنَقْضِ الصُّلْحِ قَالَهُ الْأَخَوَانِ وَعَبْدُ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، نَقَلَهُ الْقَلْشَانِيُّ وَابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ (لَمْ يَعْلَمْهَا) أَيْ الْمَظْلُومُ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ لَهُ حِينَ عَقَدَ الصُّلْحَ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ فَلَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute