للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ، أَوْ يُقِرَّ سِرًّا فَقَطْ عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا

ــ

[منح الجليل]

قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ. إلَخْ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ الْإِبْرَاءُ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ فِي الصُّلْحِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً فَلَا قِيَامَ لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيِّ، فَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ فِي وَثِيقَةِ الصُّلْحِ أَنَّهُ مَتَى قَامَ عَلَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ فَقِيَامُهُ بَاطِلٌ وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ، وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ زُورٌ الْمُسْتَرْعَاةُ وَغَيْرُهَا، وَأَسْقَطَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ مَا تَكَرَّرَ فَلَا تُسْمَعُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَارِفًا بِهَا حِينَ الصُّلْحِ أَمْ لَا، وَإِنْ سَقَطَ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ الْوَثِيقَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْرِفْهَا اهـ.

وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَ) صُلْحِ (مَنْ) أَيْ مَظْلُومٍ غَابَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَعُدَتْ جِدًّا فَأَشْهَدَ سِرًّا أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُ لِغَيْبَتِهَا وَأَنَّهَا إنْ قَدِمَتْ قَامَ بِهَا (وَلَمْ يُعْلِنْ) الْإِشْهَادَ عِنْدَ حَاكِمٍ ثُمَّ قَدِمَتْ بَيِّنَتُهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَنَقْضُ الصُّلْحِ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ) صُلْحِ مَظْلُومٍ (يُقِرُّ) لَهُ ظَالِمُهُ بِحَقِّهِ عِنْدَهُ (سِرًّا) فِيمَا بَيْنَهُمَا حِينَ لَمْ يَحْضُرْهُمَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ وَيَجْحَدُهُ عَلَانِيَةً حِينَ حُضُورِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ طَلَبِهِ عَاجِلًا أَوْ حَسْبُهُ بَعْدَ إشْهَادِ الْمَظْلُومِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِيَطْمَئِنَّ وَيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقِرَّ عَلَانِيَةً فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِبَاقِي حَقِّهِ، فَإِنْ أَقَرَّ الظَّالِمُ بَعْدَ الصُّلْحِ فَلِمَنْ صَالَحَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَاهَا وَنَقْضُ الصُّلْحِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِبَاقِي حَقِّهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ الْكَافِ. وَأَشَارَ بِالْأَحْسَنِ فِي الثَّانِيَةِ لِفَتْوَى بَعْضِ أَشْيَاخِ شَيْخِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَكْسَ قَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ، وَأَكْثَرُ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهِ فِيهِمَا. فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ عَلَى الْأَحْسَنِ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ. قُلْت هُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِيمَنْ لَمْ يُعْلِنْ بِالْإِشْهَادِ، فَلَا يَكُونُ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُعْلِنِ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ، وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي يَشْهَدُهَا سِرًّا عَلَى عَدَمِ الْتِزَامِ الصُّلْحِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ تُسَمَّى بَيِّنَةَ الِاسْتِرْعَاءِ، أَيْ إيدَاعَ الشَّهَادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>