للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ إنْ صَالَحَهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ سَنَةً، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِغَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَإِنْ قَدِمَتْ قَامَ بِهَا فَقِيلَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُهُ فَيَجْحَدُهُ، وَقِيلَ لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا. قَالَ مُطَرِّفٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبَ بَعْدِ إنْكَاره، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ سَنَةً بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى إنْكَارِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِيُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ ثُمَّ صَالَحَهُ وَأَقَرَّ بَعْدَ صُلْحِهِ، فَفِي لُزُومِ أَخْذِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَغْوِ صُلْحِهِ عَلَى تَأْخِيرِهِ وَلَغْوِ إقْرَارِهِ وَلُزُومِ صُلْحِهِ بِتَأْخِيرِهِ نَقَلَا الصِّقِلِّيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ. قُلْت وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْمُوَثِّقِينَ وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَحْكِ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرَهُ.

وَحَكَى الْمُتَيْطِيُّ ثَانِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا يَنْفَعُ إشْهَادُ السِّرِّ إلَّا عَلَى مَنْ لَا يُنْتَصَفُ مِنْهُ كَالسُّلْطَانِ وَالرَّجُلِ الْقَاهِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حَاصِلُ حَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي وَقْتِنَا إيدَاعًا هُوَ إشْهَادُ الطَّالِبِ أَنَّهُ طَلَبَ فُلَانًا، وَأَنَّهُ أَنْكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إنْكَارُهُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ مَهْمَا أَشْهَدَ بِتَأْخِيرِهِ إيَّاهُ بِحَقِّهِ أَوْ بِوَضِيعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بِإِسْقَاطِ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِيُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ وَشَرْطُهُ تَقَدُّمُهُ عَلَى الصُّلْحِ، فَيَجِبُ تَعْيِينُ وَقْتِهِ بِيَوْمِهِ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ هُوَ مِنْ يَوْمِهِ خَوْفَ اتِّحَادِ يَوْمِهِمَا، فَإِنْ اتَّحَدَ دُونَ تَعْيِينِ جُزْءِ الْيَوْمِ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ.

الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِرْعَاءُ إلَّا مَعَ ثُبُوتِ إنْكَارِ الْمَطْلُوبِ وَرُجُوعِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ إلَى الْإِقْرَارِ، فَإِنْ ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَتَمَادَى عَلَيْهِ بَعْدَ صُلْحِهِ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ شَيْئًا، وَقَوْلُ الْعَوَامّ صُلْحُ الْمُنْكِرِ إثْبَاتٌ لِحَقِّ الطَّالِبِ جَهْلٌ، وَقَوْلُهُمْ فِي الصُّلْحِ تَسَاقَطَا الِاسْتِرْعَاءُ وَالِاسْتِرْعَاءُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ، لِأَنَّهُ إذَا اسْتَرْعَى وَقَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ مَتَى أَشْهَدَ بِقَطْعِ اسْتِرْعَائِهِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِتَحْصِيلِ إقْرَارِ خَصْمِهِ لَمْ يَضُرَّهُ إسْقَاطُهُ فِي الصُّلْحِ اسْتِرْعَاؤُهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِي اسْتِرْعَائِهِ أَنَّهُ مَتَى أَسْقَطَ اسْتِرْعَاءَهُ فَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لَهُ كَإِنَّ إسْقَاطُهُ فِي صُلْحِهِ اسْتِرْعَاءَهُ مُسْقِطًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>