فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ: صَحَّ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُفَلَّسَ أَوْ يَمُوتَ؟ تَأْوِيلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
كَانَ لَهُمَا، وَلَا عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ بِشَرْطِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ هُنَا، وَكَذَا مَنْ صَرَفَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَيْهَا لَا دَيْنَ لَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّرْفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ لُزُومُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَإِنْ) أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ (أَعْلَمَهُ) أَيْ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ (بِعَدَمِهِ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ قَالَهُ لَا دَيْنَ لِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ الْمُحَالُ عَدَمَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُحِيلِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، ظَاهِرُهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُحِيلُ عِلْمَهُ وَرِضَاهُ بِهَا (وَشَرَطَ) الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحَالِ (الْبَرَاءَةَ) مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ مَعَ الْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْمُحَالُ بِشَرْطِهَا (صَحَّ) عَقْدُ الْحَوَالَةِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لِلْمُحَالِ تَرْكَ حَقِّهِ مَجَّانًا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ.
فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ وَشَرْطُهَا ثُبُوتُ دَيْنٍ. قُلْت نَزَلَ عِلْمُهُ بِعَدَمِهِ وَرِضَاهُ مَنْزِلَةَ ثُبُوتِهِ، لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ فُلِّسَ اتِّفَاقًا، مَعَ أَنَّ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) لَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ الَّذِي أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُفَلَّسَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً الْمُحَالُ عَلَيْهِ (أَوْ يَمُوتُ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلِلْمُحَالِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِشَبَهِ الْحَوَالَةِ حِينَئِذٍ بِالْحَمَالَةِ. فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ فُلِّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَجَمَعَ أَبُو عِمْرَانَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَالرِّوَايَةَ فِيمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: شَرَطَ الْبَرَاءَةَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحْرَى إنْ اشْتَرَطَ الْمُحَالُ الرُّجُوعَ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute