للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَلَاثُ مَسَائِلُ، اشْتِرَاطُ الْمُحِيلِ الْبَرَاءَةَ، وَاشْتِرَاطُ الْمُحَالِ الرُّجُوعَ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْهُمَا.

الثَّانِي: بَعْضُ مَشَايِخِي كَيْفَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ حَيْثُ أَعْلَمَهُ بِأَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ، وَاشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ثُبُوتِ دَيْنٍ لَازِمٍ، وَهَلْ هَذَا إلَّا تَنَاقُضٌ. وَأَجَابَ بِعَدَمِ التَّنَاقُضِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ دَيْنٍ لَازِمٍ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ الْإِعْلَامُ وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ أَفَادَهُ تت. طفي قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ. . . إلَخْ، لَوْ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُحِيلُ، وَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْمُحَالِ. وَجَعَلَ تت التَّأْوِيلَيْنِ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ وَالتَّوْضِيحَ، وَنَسَبُوا الْوِفَاقَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوِفَاقُ بَيْنَ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ كَمَا فِي ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا يَرْجِعُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مَعَ الْعِلْمِ وَشَرْطُهُ الْبَرَاءَةُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يُفَلَّسْ أَوْ يَمُتْ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهُمَا مُحَمَّدٌ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ حَرِّقْ صَحِيفَتَك الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ، وَاتَّبِعْنِي بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَاتَّبَعَهُ حَتَّى فُلِّسَ الضَّامِنُ، أَوْ مَاتَ وَلَا وَفَاءَ لَهُ أَنَّ لِلطَّالِبِ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ الْحَوَالَةِ مَا أُحِيلَ بِهِ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ. ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ.

أَبُو عِمْرَانَ جَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فَأَنْتَ تَرَى التَّوْفِيقَ، الْأَوَّلَ بَيْنَ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، بِخِلَافِ تَوْفِيقِ أَبِي عِمْرَانَ فَإِنَّهُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا، فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>