بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ؛ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ
ــ
[منح الجليل]
الْمَضْمُونِ لَهُ (بِتَخْلِيصِهِ) أَيْ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَهُ (عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ وَسُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِ دَيْنِهِ مِنْ الْمَضْمُونِ الْحَاضِرِ الْمَلِيءِ أَوْ تَأْخِيرِهِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ دَيْنَك مِنْ الْمَضْمُونِ أَوْ تُسْقِطَ الضَّمَانَ عَنِّي وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ دَيْنَهُ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ لَا.
وَمَفْهُومٌ عِنْدَ أَجَلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَرِيحٌ فِي طَلَبِ الضَّامِنِ رَبَّ الدَّيْنِ بِأَنْ يُخَلِّصَ دَيْنَهُ مِنْ الْغَرِيمِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْكَفِيلُ بِمَا عَلَى الْغَرِيمِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ طَلَبٌ فِي حُضُورِ الْغَرِيمِ وَيُسْرِهِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ لَا يُلَائِمُهُ كُلَّ الْمُلَاءَمَةِ، لَكِنْ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمُعْسِرِ إلَخْ، وَيَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِلضَّامِنِ الْمُطَالَبَةُ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ الطَّلَبِ يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا تَوَجَّهَ لَهُ الطَّلَبُ عَلَى غَرِيمِهِ فَسَكَتَ عَنْهُ أَيْ نَصَّ عَلَى تَأْخِيرِهِ فَلِلْحَمِيلِ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ، وَيَقُولَ لِرَبِّ الدَّيْنِ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك مِنْ الْغَرِيمِ مُعَجَّلًا وَإِلَّا فَأَسْقِطْ عَنِّي الْحَمَالَةَ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ عِنْدَ وُجُوبِهِ ضَرَرًا بِالْحَمِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا الْآنَ وَيُعْسِرُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا مَقَالَ لِلْحَمِيلِ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ فِي هَذَا الْحَالِ اهـ.
وَأَمَّا طَلَبُ الضَّامِنِ الْمِدْيَانَ أَنْ يُخَلِّصَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْكَفِيلِ إجْبَارُ الْأَصْلِ عَلَى تَخْلِيصِهِ إذَا طُولِبَ وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ اهـ، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ. قُلْت وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهَا فِي السَّلَمِ.
الثَّانِي لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَخْذُ الطَّعَامِ مِنْ الْغَرِيمِ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُوَصِّلَهُ إلَى رَبِّهِ، وَلَهُ طَلَبُهُ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إلَى رَبِّهِ وَيَبْرَأُ مِنْ حَمَالَتِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَهُ طَلَبُ الْمِدْيَانِ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ لَكَانَ حَسَنًا اهـ.
(لَا) أَيْ لَيْسَ لِلضَّامِنِ طَلَبُ الْمَضْمُونِ (بِتَسْلِيمِ الْمَالِ) الْمَضْمُونِ فِيهِ (إلَيْهِ) أَيْ الضَّامِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute