وَضَمِنَهُ إنْ اقْتَضَاهُ لَا أُرْسِلَ بِهِ
ــ
[منح الجليل]
عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِيُؤَدِّيَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ
(وَ) إنْ سَلَّمَهُ لَهُ فَضَاعَ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْكَفِيلُ الْمَالَ (إنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ أَخَذَ الْكَفِيلُ الْمَالَ مِنْ الْمَضْمُونِ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْلِيصِ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ صَاحِبِ الْمَالِ، فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَعَدِّيًا (لَا) يَضْمَنُ الْكَفِيلُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَلَمَهُ مِنْ الْمَضْمُونِ إنْ (أُرْسِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ السِّينِ، أَيْ الضَّامِنُ أَيْ أَرْسَلَهُ الْمَضْمُونُ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَمِينٌ لِلْمَضْمُونِ، فَضَمَانُ الْمَالِ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَصِلَ لِرَبِّهِ.
الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا الرَّكْرَاكِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ لَا يَخْلُو قَبْضُ الْكَفِيلِ الطَّعَامَ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الرِّسَالَةِ فَلَا يَخْلُو الطَّعَامُ مِنْ كَوْنِهِ قَائِمًا بِيَدِهِ أَوْ فَائِتًا، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالطَّالِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْكَفِيلَ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْأَصْلَ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا. وَإِنْ فَاتَ الطَّعَامُ فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ بِتَلَفٍ أَوْ إتْلَافٍ، فَإِنْ كَانَ بِتَلَفٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ الطَّلَبُ بِالْكَفَالَةِ خَاصَّةً، ثُمَّ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْهُودِ فِي الْحَمَالَةِ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ كَانَ بِإِتْلَافٍ مِنْ الْكَفِيلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْأَصِيلِ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَإِنْ غَرِمَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ لِلطَّالِبِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصِيلِ، فَإِنْ غَرِمَهُ لِلْأَصِيلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِمِثْلِ طَعَامِهِ أَوْ أَخْذِ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ غَرِمَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ لِلطَّالِبِ بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَا أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ فَأَرَادَ الْأَصِيلُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِثْلَ مَا غَرِمَ مِنْ الطَّعَامِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
الثَّانِي: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الْوَكَالَةِ، فَإِذَا قَبَضَهُ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْأَصِيلِ قَوْلًا وَاحِدًا، فَإِنَّ الطَّالِبَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِقَبْضِ الْكَفِيلِ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ الْكَفِيلُ بَعْدَ صِحَّةِ قَبْضِهِ فَالْعَدَاءُ عَلَى الطَّالِبِ وَقَعَ بِلَا إشْكَالٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الِاقْتِضَاءِ إمَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِهِ، كَمَا إذَا غَابَ الطَّالِبُ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَخَافَ الْكَفِيلُ إعْدَامَ الْأَصِيلِ وَإِحْدَاثَ الْفَلَسِ، وَبِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute