إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ
ــ
[منح الجليل]
لِمُشْتَرِيهِ بَعْدَ شِرَائِهِ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى إثْبَاتِ شِرَائِهِ بِعُهْدَةٍ وَتَارِيخُ الشِّرَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فِي مَبْحَثِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إلَخْ.
وَأَفَادَ شَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الشَّرِيكِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي بِقَوْلِهِ (إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ الَّذِي تَوَلَّى بَيْعَ الْمَعِيبِ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْيَوْمَيْنِ مَعَ خَوْفِهِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ فَلَيْسَ ضَمِيرُ غَيْبَتِهِ لِلْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: ١١] فَاطِرٌ أَيْ مُعَمَّرٍ آخَرَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَةُ الشَّرِيكِ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَخَّرَ الرَّدَّ إلَى قُدُومِهِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَمْرِ الْمَبِيعِ وَلِئَلَّا تَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ.
طفي قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَيَرُدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ وَالضَّمِيرُ لِلْغَائِبِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَالْغَائِبِ، لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَهَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَالْغَائِبِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعُيُوبِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ قُضِيَ إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إلَخْ، وَهَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ " غ "، وَنَصُّهُ أَصْلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ فِي آخِرَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنْ أَحَدِهِمَا فَظَهَرَ عَيْبُهُ فَلَهُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَلْيَنْتَظِرْ لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً.
وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ نَظَرَ فِي الْعَيْبِ، فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بَعْدَ شِرَائِهِ رَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ الشَّرِيكُ بِاَللَّهِ مَا عَلِمَ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَنَا وَبَرِئَ؛ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ. اهـ. فَبِسَبَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ يَرُدُّ وَاجِدُ الْعَيْبِ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْغَائِبِ الَّذِي تَوَلَّاهُ حَالَ كَوْنِ هَذَا الرَّدِّ كَالرَّدِّ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ فِي افْتِقَارِ الْمُشْتَرِي الرَّادِّ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتَهُ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute