للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ

وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ، وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ.

ــ

[منح الجليل]

يَتَوَلَّ إنَّمَا هُوَ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ وَإِلَّا انْتَظَرَ، فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ لَا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَبِهَذِهِ التَّمْشِيَةِ يَكُونُ كَلَامُهُ مُطَابِقًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَضَمِّنًا لِفُصُوصٍ نَصُّهَا، فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَلْطَفَ إشَارَتَهُ.

فَإِنْ قُلْت وَأَيْنَ تَقَدَّمَ لَهُ الْغَائِبُ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ. قُلْت قَوْلُهُ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ.

فَإِنْ قُلْت عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ يُغَيِّرُ فِي وَجْهِ هَذِهِ التَّمْشِيَةِ. قُلْت سَلَّمْنَا عَوْدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدُّهُ لِلْغَائِبِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ، فَقُصَارَاهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، وَقَدْ قِيلَ بِنَحْوِ هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت: ٦٢] وَفِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: ١١] وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَالرِّبْحُ) فِي مَالِ الشَّرِكَةِ (وَالْخُسْرُ) فِيهِ يُقْسَمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ (بِقَدْرِ) أَصْلِ (الْمَالَيْنِ) الْمُشْتَرَكِ بِهِمَا وُجُوبًا تَسَاوَيَا أَوْ لَا

(وَتَفْسُدُ) الشَّرِكَةُ (بِشَرْطِ) أَيْ اشْتِرَاطِ (التَّفَاوُتِ) أَيْ قِسْمَةِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ بِغَيْرِ قَدْرِ الْمَالَيْنِ فِي عَقْدِهَا كَكَوْنِ مِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَخَمْسِينَ لِلْآخَرِ وَشَرَطَا قَسْمَ الرِّبْحِ بِالنِّصْفِ وكَوْنِ الْمَالَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ وَشَرَطَا لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَإِنْ عَمَلَا قُسِمَ الرِّبْحُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ.

(وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ) " غ " كَأَنَّهُ أَطْلَقَ أَجْرَ الْعَمَلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَحَقِيقَتُهُ الْأُجْرَةُ التَّابِعَةُ لِلْعَمَلِ وَمَجَازُهُ الرِّبْحُ التَّابِعُ لِلْمَالِ، وَسَهَّلَ لَهُ هَذَا قَرِينَةُ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَانِبَيْنِ وَزِيَادَةُ الْعَمَلِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا، وَكَذَا زِيَادَةُ الرِّبْحِ. فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخِرِ الثُّلُثَانِ وَشَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ بِأُجْرَةِ سُدُسِ الْعَمَلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>