. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَمِّيَا إجَارَةً وَلَا شَرِكَةً، وَأَنَّمَا قَالَ أَدْفَعُ إلَيْك أَرْضِي وَبَقَرِي وَبَذْرِي وَتَتَوَلَّى أَنْتَ الْعَمَلَ، وَيَكُونُ لَك رُبْعُ الزَّرْعِ أَوْ خُمُسُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ يُسَمِّيَانِهِ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ، هَذَا تَحْصِيلُ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ شُيُوخِنَا لَا يُحَصِّلُونَهَا هَذَا التَّحْصِيلَ، وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ اخْتِلَافٍ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِصَحِيحٍ اهـ
الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّقْلُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ " غ "، فَانْظُرْهُ، وَالْعَجَبُ مِنْ " ق " كَيْفَ خَالَفَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ ذِي الْأَرْضِ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ فَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ. سَحْنُونٌ إنْ اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ثُلُثَ مَا يَحْصُلُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلِذِي الْعَمَلِ ثُلُثٌ وَالْبَقَرُ ثُلُثٌ وَالْقَيِّمُ كَذَا جَازَ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي مِثْلِ هَذَا هُوَ فَاسِدٌ، وَهَذَا خِلَافُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الْمُتَزَارِعَانِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ جَازَتْ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا. قُلْت تُرَدُّ مُنَاقَضَتُهُ مُحَمَّدًا بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمُتَزَارِعَيْنِ وَلَا يَصْدُقُ هَذَا اللَّفْظُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِزَرِيعَةٍ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ نَزَلَ فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ، وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ تَعَالَ نَتَزَارَعُ عَلَى أَنَّ نِصْفَ أَرْضِي وَنِصْفَ بَذْرِي وَنِصْفَ بَقَرِي كِرَاءُ نِصْفِ عَمَلِك، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَبَّضَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ فِي أُجْرَتِهِ وَضَمَّهُ وَالصَّوَابُ قَوْلُ سَحْنُونٍ إذَا دَخَلَا عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ مَا يَخْرُجُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِمَجْهُولٍ.
قُلْت قَوْلُهُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي أَنَّ مَعْنَى إجَازَةِ سَحْنُونٍ إنَّمَا هِيَ إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ بِبَلَدِنَا، وَقَالَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ عَقَدَهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا. وَإِنْ عَرِيَ الْعَقْدُ مِنْ اللَّفْظَيْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَرَى أَنَّهُ تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute