للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

قُلْت جَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَسْئِلَتِهِ مَا نَصُّهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزِّرَاعَةِ عَلَى أَنْ جَعْلَ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرَ، وَالثَّانِي الْعَمَلَ، وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ فَأَجَابَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهَا وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَهْمٌ، لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ هَذَا تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. وَزَعْمُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ عُرْفِنَا هِيَ مَسْأَلَةُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ، فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا لَيْسَ فِيهَا اخْتِصَاصُ رَبِّ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْحَرْثِ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي زَمَنِهِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنَّ كُلَّ التِّينِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ. الثَّانِي أَنَّ مَسْأَلَةَ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ أَخْرَجَ مَعَهُ الْبَقَرَ وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا لَا يَأْتِي الْعَامِلُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ يَدِهِ فَقَطْ، وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ أَجِيرًا، وَيَمْنَعُ كَوْنَهُ شَرِيكًا.

وَدَلَالَةُ جَوَابِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَلَى خِلَافِ مَا قُلْنَاهُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ تُرَدُّ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ شَرْطَ الشَّرِكَةِ كَوْنُ عَمَلِهَا مَضْمُونًا لَا مُعَيَّنًا فِي عَامِلٍ مُعَيَّنٍ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا إنَّمَا يَدْخُلُونَ فِيهَا عَلَى أَنَّ عَمَلَهَا مُعَيَّنٌ بِنَفْسِ عَامِلِهَا وَحَامِلُهُمْ عَلَى هَذَا خَوْفُ الِاغْتِرَارِ بِقَوْلِهِ فَيَفْتَقِرُ فِي مَسْأَلَةِ عُرْفِنَا إلَى قَوْلٍ بِالصِّحَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَقَدْ أَجَادَ، وَنَصَحَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْمُحَصِّلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عُمَرَ الْهَنْتَانِيُّ الْهَكْوَرِيُّ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ فِي الزَّرْعِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الزَّرْعِ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا، وَهَلْ يَنْتَهِضُ عُذْرًا فِي إبَاحَتِهِ تَعَذُّرُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَيْسَتْ شَرِكَةً لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَسْتَدْعِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ الْأَرْبَاحِ، وَعَدَمُ الْمُسَاعِدِ عَلَى مَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَنْهَضُ عُذْرًا لِأَنَّ غَلَبَتَهُ فِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ إنَّمَا هِيَ مِنْ إهْمَالِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ وَلَوْ تَعَرَّضُوا لِفُسُوخِ عُقُودِ ذَوِي الْفَسَادِ لَمَا اسْتَمَرُّوا عَلَى فَسَادِهِمْ، وَأَنَّ حَاجَةَ الضَّعِيفِ لِلْفَتْوَى أَشَدُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ - فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: ٦ - ٧] {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: ٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>