للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ، وَتَسَاوَيَا غَيْرَهَا

ــ

[منح الجليل]

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نُصُوصٍ طَوِيلَةٍ قُلْت تَقْرِيرُ كَوْنِ مَا قَالُوهُ هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ عَدَمُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرِ بِإِخْرَاجِ الْعَمَلِ، وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِطَرِيقِ نِسْبَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ إلَيْهِ كَالنِّصْفِ لَا بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَالْمُزَارَعَةُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هِيَ شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ، فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ لَمْ يَجْعَلْهَا لَازِمَةً بِعَقْدِهَا، وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ جَعَلَهَا لَازِمَةً بِهِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَكُلَّمَا لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ بِإِخْرَاجِ مَالٍ كَانَ شَبِيهًا بِالشَّرِكَةِ ثَابِتًا ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ، وَكُلَّمَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْعَمَلِ بَطَلَ كَوْنُهَا مُزَارَعَةً لِانْتِفَاءِ لَازِمِهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ اشْتِمَالُهُمَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ، وَصَارَتْ مَحْضَ إجَارَةٍ لِمُمَاثَلَتِهَا حِينَئِذٍ إيَّاهَا، فَيَجِبُ كَوْنُهَا فَاسِدَةً لِأَنَّ حُكْمَ الْإِجَارَةِ وُجُوبُ كَوْنِ فَائِدَتِهَا مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا.

(تَنْبِيهٌ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْعَمَلُ الْمُشْتَرَطُ هُوَ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ. التَّوْضِيحِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ إنَّهُ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ مَجْهُولَانِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ كَانَ الْعُرْفُ بِالْبَلَدِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ وَالتَّصْفِيَةَ عَلَى الْعَامِلِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ جَمِيعِ الْعَمَلِ مُسَاوِيًا لِكِرَاءِ الْأَرْضِ جَازَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يُجِزْهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَمَلُهَا مَئُونَةُ الزَّرْعِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِيُبْسِهِ. وَفِي كَوْنِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ نَقْلًا الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَتِمُّ وَلَا كَيْفَ يَكُونُ وَصَوَّبَهُ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَكَذَا شَرْطُ النَّقَاءِ اهـ.

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ إلَخْ فَقَالَ (كَإِلْغَاءٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَدَمِ حَسْبِ كِرَاءِ (أَرْضٍ) لَهُ قَدْرٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَتَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي (غَيْرِهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>