للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ

ــ

[منح الجليل]

أَيْ الْأَرْضِ مِنْ بَذْرٍ وَبَقَرٍ وَعَمَلِ يَدٍ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ، فِيهَا إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَرْضًا لَهَا قَدْرٌ مِنْ الْكِرَاءِ. وَأَلْغَاهَا لِصَاحِبِهِ وَاعْتَدَلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعْطِيَ شَرِيكَهُ نِصْفَ كِرَاءِ أَرْضِهِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (أَرْضٌ رَخِيصَةٌ) أَيْ قَلِيلَةُ الْكِرَاءِ (وَلَهُ) أَيْ مُخْرِجُ الْأَرْضِ الرَّخِيصَةِ (عَمَلٌ) بِيَدِهِ وَبَقَرِهِ وَلِلْآخِرِ الْبَذْرُ فَفَاسِدَةٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بَعْضَ الْبَذْرِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ.

وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِهِ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ الْأَصَحِّ بِالْأَرْجَحِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَرْضٌ وَعَمَلٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ وَبَذْرٌ وَلِلْآخِرِ الْعَمَلُ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَمْ تُقَابِلُ الْأَرْضُ الْبَذْرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَنْطُوقِ، وَلِذَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْعَمَلَ بِكَوْنِهِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي الرِّوَايَةِ قَالَهُ طفي. " غ " أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ فَهُوَ أَيْضًا مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ بِقَوْلِهِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا خَطْبٌ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَطْبٌ فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالتَّافِهِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ، وَرَأَى أَنَّهُ يَدْخُلُهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ. فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ تَصْحِيفُ الْأَرْجَحِ.

" ق " ابْنُ يُونُسَ فِي بَابٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا لَا كِرَاءَ لَهَا، وَقَدْ تُسَاوَيَا فِيمَا سِوَاهَا فَأَخْرَجَ هَذَا الْبَذْرَ وَهَذَا الْعَمَلَ وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ، فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا كِرَاءَ لَهَا. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ هَذَا وَقَالَ إنَّمَا أَجَازَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ تُلْغَى الْأَرْضُ إذَا تَسَاوَيَا فِي إخْرَاجِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْرَجُ الْبَذْرِ غَيْرَ مُخْرَجِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ لَا كِرَاءَ لَهَا، إذْ يَدْخُلُهُ كِرَاؤُهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ هَذِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ. الْبُنَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ، فَلَفْظُ الْأَصَحِّ فِي مَحَلِّهِ، وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>