للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا مَعَهُ، بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا الدَّيْنِ

ــ

[منح الجليل]

بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِقِصَاصٍ وَلَا حَدٍّ وَلَا أَرْشٍ وَلَا كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا مُضَارَبَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا دَارٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَا يُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فِي إجْمَاعِنَا.

سَحْنُونٌ إذَا قَالَ فُلَانٌ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ مِمَّا لِي عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا لِي عِنْدَهُ أَوْ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَهُوَ بَرِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمَانَةٍ أَوْ ضَمَانٍ مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ فِي قَوْلِهِ هُوَ بَرِئَ مِنْ حَقِّهِ قِبَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَبْرَأْته مِنْ بَعْضِ حَقِّي وَبَقِيَ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ فِي إجْمَاعِنَا فِي جَمِيعِ حَقِّهِ اهـ، وَهُوَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ وَهَذَا آخِرُ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، فَفِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَبْرَأهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَأَنَّهَا آخِرُ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَطَلَبَ مِنْ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ غَلِطَ أَوْ نَسِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقٍّ مُسَمًّى، وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَا عِنْدَهُ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ غَيْرُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ مَعًا قَبْلَ تَارِيخِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَدَّيْت عَلَيَّ وَغَلِطْت فِي الْحِسَابِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا نَفَعَتْ الْبَرَاءَةُ وَلَا انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ.

(وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ) وَدِيعَةً كَانَتْ أَوْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا (لَا) يَبْرَأُ (مِنْ الدَّيْنِ) " غ " سَكَتَ عَنْ لَفْظِ عِنْدَ وَعَلَيَّ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا قَالَ مَالِي قِبَلَهُ حَقٌّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ كَانَتْ دُيُونًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَإِذَا قَالَ مَالِي عِنْدَهُ حَقٌّ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي خَصَّصَهُ بِالْأَمَانَاتِ، وَإِنْ قَالَ مَالِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَعُمُّ الدَّيْنَ وَالْأَمَانَةَ، وَقَالَ ابْنُهُ يَخُصُّ الْمَضْمُونَ كَالدِّينِ وَالْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ لَفْظَةَ عَلَيَّ لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>