. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَدْخَلَ سَحْنُونٌ فِيهَا الْمَضْمُونَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْقِرَاضَ، إذَا يَجِبُ رَدُّهُمَا كَالدِّينِ وَصَرَفَ ابْنُهُ عَلَيَّ لِنَفْسِ الْمَالِ لَا لِرَدِّهِ فَنَفْسُ الْوَدِيعَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الِالْتِفَاتُ إلَى الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ عَشَرَةً وَشَهِدَ لَهُ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ يَمِينًا وَأَخَذَ الثَّلَاثِينَ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ قَوْلَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافُ قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ عِنْدَ تَقْتَضِي الْأَمَانَةَ، وَعَلَيَّ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقَّ الثَّلَاثِينَ، وَإِنْ شَاءَ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ دُونَ يَمِينٍ، إذْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَالْآخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ فَلَهُ أَخْذُ الْعَشَرَةِ دُونَ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْعِشْرِينَ وَيَأْخُذَهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَقِرَّ لَهُ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ بِمَجْلِسَيْنِ فَهُمَا حَقَّانِ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقُّ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ إنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا حَقَّانِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بِحَقٍّ حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطَّابُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي مُبَارَآت الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا دَعْوَى وَلَا حُجَّةٌ وَلَا يَمِينٌ وَلَا عَلَّقَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَقٍّ قَبْلَ تَارِيخِ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ صَاحِبَهُ بِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُسْقِطَا فِيهِ الْبَيِّنَةَ اهـ. الْبُرْزُلِيُّ فَعَلَى هَذَا يُفْتَقَرُ إلَى ذِكْرِ إسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute