كَالتِّجَارَةِ، وَالرِّبْحُ لَهُ.
ــ
[منح الجليل]
الْمَنْعُ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إبَاحَةَ ذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْمُودَعِ، فَإِنْ كَانَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ أَوْ مَعَهُ كَرَمُ طَبْعٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عُلِمَتْ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حِينَ الدَّفْعِ أَوْ قَالَ احْذَرْ أَنْ تَتَسَلَّفَهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي مَنْعِهِ مِنْهُ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ كُرِهَ.
وَشَبَّهَ بِالسَّلَفِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَمَامِهِ فَقَالَ (كَالتِّجَارَةِ) وَفِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوِّمِ مُطْلَقًا. وَمِنْ الْمُعْدِمِ فِي الْمُنْقِدِ وَالْمِثْلِيِّ وَتُكْرَهُ فِيهِمَا مِنْ الْمَلِيءِ قَالَهُ صر. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ. وَأَمَّا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ مَالًا فَتَجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ الْوَدِيعَةِ. اهـ. فَإِنَّمَا هِيَ فِي وَدِيعَةِ الْمَالِ، أَيْ النَّقْدِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُهَا لَا مُطْلَقًا (وَ) إنْ اتَّجَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةِ وَرَبِحَ فِيهَا فَ (الرِّبْحُ لَهُ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ لَضَمِنَهَا وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. " ق " فِي لُقَطَتِهَا لَا يَتَّجِرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَى صَاحِبِهِ. فِي الِاسْتِذْكَارِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ. وَأَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمَالَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ غَاصِبًا كَانَ لِلْمَالِ أَوْ مُسْتَوْدَعًا عِنْدَهُ وَتَعَدَّى فِيهِ. الْبَاجِيَّ.
قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ أَرَادَ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ عَيْنًا، وَهَذَا عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ بِغَصْبِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ إنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ طَعَامًا فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ، أَوْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالصِّفَةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُبْطِلْ عَلَى الْمُودَعِ غَرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا، وَلَوْ كَانَتْ بِضَاعَةً أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ بِضَاعَتِهِ أَوْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَى بِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ مِنْ بِضَاعَتِهِ وَيَسْتَأْثِرَ بِرِبْحِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute