وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ
ــ
[منح الجليل]
فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْمَعُونَةِ وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ بِبِضَاعَةٍ يَشْتَرِي بِهَا شَيْئًا فَتَجَرَ فِيهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمُبْضِعَ طَلَبَ الرِّبْحَ فَلَيْسَ لِلْمُبْضِعِ مَعَهُ قَطْعُهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ. وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ الْمَالُ يَبْتَاعُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا ابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْهُ فِي عَرْضِهِ وَابْتِيَاعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا ابْتَاعَهُ، وَهَذَا إذَا ظَفِرَ بِالْأَمْرِ قَبْلَ بَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ، فَإِنْ فَاتَ مَا ابْتَاعَهُ بِهِ فَإِنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَخَسَارَتَهُ عَلَى الْمُبْضِعِ مَعَهُ.
(وَبَرِئَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الَّذِي تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ تَسَلُّفًا مَكْرُوهًا بِأَنْ كَانَتْ مِثْلِيًّا وَهُوَ مَلِيءٌ (إنْ رَدَّ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْمَالَ (غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثْقَلًا تَسَلَّفَهُ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ مَعَ كَوْنِهِ مَلِيًّا لِمَحَلِّ إيدَاعِهِ ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ رَدِّهِ، سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدِّهَا إلَّا بِيَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا تَسَلَّفَ مَالًا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ مَكَانَهُ فَتَلِفَ الْمِثْلُ بَرِئَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَيَّدَ بِمَا لَا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمَكْرُوهُ وَيَخْرُجَ مِنْهُ الْعَرْضُ وَتَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ، وَفِي خُرُوجِ تَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ مِنْهُ نَظَرٌ لِأَنَّ رَبَّهَا إنَّمَا يَكْرَهُ تَسَلُّفَهَا الْمُعْدِمِ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا أَوْ يَرُدَّهَا بِعُسْرٍ، فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا مُنِعَ تَسَلُّفُهَا، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِيهَا لَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا. أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ رَدَّ الْقِيمَةَ لَبَرِئَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ سَوَاءٌ أَوْقَفَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ اهـ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ، ثَالِثُهَا يَبْرَأُ إنْ رَدَّهَا بِإِشْهَادٍ، وَرَابِعُهَا يَبْرَأُ إنْ كَانَتْ مَنْثُورَةً وَإِنْ كَانَتْ مَصْرُورَةً ضَمِنَهَا، وَلَوْ رَدَّهَا. فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى بَرَاءَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا دُونَ يَمِينِهِ أَوْ بِهَا. ثَالِثُهَا إنْ تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ صُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَمِينًا مَعَ قَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute