. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَفِي الْمُقَدَّمَاتِ مَنْ دَفَعَ الْأَمَانَةَ إلَى غَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ الَّذِي عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الدَّفْعِ إذَا أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ وَلَمْ أَحْفَظْ فِي هَذَا الْوَجْهِ نَصَّ خِلَافِ الْأَقْوَالِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ بَعَثَ بِبِضَاعَةٍ مَعَ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ، وَيُصَدَّقُ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ كَانَ دَيْنًا أَوْ صِلَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ بِالْمَعْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَادَّعَى التَّلَفَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضٌ إلَى ذِمَّةٍ أَوْ إلَى أَمَانَةٍ، فَإِنْ كَانَ قَبْضًا إلَى أَمَانَةٍ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَرَّةً يَبْرَأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ وَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْآمِرِ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ إلَّا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ، أَوْ إتْيَانِ الْقَابِضِ بِالْمَالِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْضٌ إلَى ذِمَّةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ لَهُ ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَك إلَى فُلَانٍ سَلَفًا أَوْ تَسْلِيفًا فِي سِلْعَةٍ أَوْ إلَى صَانِعٍ يَعْمَلُ فِيهَا عَمَلًا، فَإِنْ كَانَتْ الذِّمَّةُ خَرِبَةً فَاخْتَلَفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْرَأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِهِ إيَّاهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ. وَأَمَّا إنْ دَفَعَ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى أَمَانَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ أَوْ إتْيَانِ قَابِضِ الْمَالِ بِهِ، هَذَا نَصُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَإِنْ دَفَعَ إلَى ذِمَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ خَرِبَةً فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ، هَذَا الَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي عَلَى مَذَاهِبِهِمْ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِيهَا نَصَّ خِلَافٍ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا الْخِلَافُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَانَةِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ دَفْعٌ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى أَمَانَةٍ، وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَمِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ إذَا دَفَعَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ، أَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ. ابْنُ الْحَاجِبِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَمُتْ وَأَكْذَبَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَرَادَ لَوْ لَمْ يَمُتْ الرَّسُولُ وَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ أَمَرَهُ رَبُّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute