كَعَلَيْك، إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ مَقْصُودَةٌ
ــ
[منح الجليل]
بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَضَاعَتْ وَأَنْكَرَ رَبُّهَا دَفْعَهَا فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا ضَمِنَ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ اهـ. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُنْكِرُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْكِرْ لَا يَضْمَنُ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَتَرَكَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الرَّدَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِيصَالِ مُسَامَحَةً، وَإِنَّمَا فِيهَا دَعْوَى الْإِيصَالِ.
الثَّانِي: عَبْدُ الْحَقِّ إذَا شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَى الدَّفْعِ يَنْفَعُهُ، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا حِينَ وُجُوبِ تَوَجُّهِهَا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ سُقُوطَ أَمْرٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا أَرَاهُ.
الثَّالِثُ: إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هُنَا الضَّمَانَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الْمُودَعُ.
الرَّابِعُ: تَصْدِيقُ رَبِّ الْمَالِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ.
الْخَامِسُ: فِيمَا إنْ أَمَرْته بِصَدَقَةٍ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَصَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ كَذَّبَهُ وَلَوْ أَمَرْته بِصَدَقَةٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَ) دَعْوَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ رَدَّ الْوَدِيعَةِ (عَلَيْك) يَا مُودِعُ فَلَا تُقْبَلُ وَيَضْمَنُهَا (إنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ (بِبَيِّنَةٍ) شَاهِدَةٍ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (مَقْصُودَةً) لِلتَّوَثُّقِ عَلَى الْمُودَعِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَاهُ رَدَّهَا، فَلَمْ يَأْتَمِنْهُ فِيهِ، فَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ لِائْتِمَانِهِ عَلَى حِفْظِهَا.
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قَبَضَهَا بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ أَوْ مَقْصُودَةٍ لِغَيْرِ التَّوَثُّقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute