للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بِأَنْ يُعَدَّ سَارِقًا وَنَحْوَهُ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ الْمَالِيِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَفِيهِ طُرُقٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَوْدَعَ رَجُلًا وَدِيعَةً فَجَحَدَهُ إيَّاهَا ثُمَّ اسْتَوْدَعَهُ وَدِيعَةً أَوْ ائْتَمَنَهُ عَلَى شَيْءٍ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجْحَدُهُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَهُ أَخْذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ فَبِقَدْرِ حِصَاصِهِ مِنْهُ. الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغُرَمَاءَ عَالِمِينَ بِفَلَسِهِ أَوْ شَاكِّينَ وَتَرَكُوهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي جَازَ لَهُ حَبْسُ جَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ الْيُسْرُ، وَلَوْ عَلِمُوا ضَرَبُوا عَلَى يَدَيْهِ جَازَ لَهُ أَخْذُ مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَرْضًا فَلَهُ بَيْعُهَا وَيُحْبَسُ مِنْ ثَمَنِهَا مَالَهُ عَلَيْهِ. الْمَازِرِيُّ لَا يَأْخُذُ الْعَرْضَ يَتَمَلَّكُهُ عِوَضَ حَقِّهِ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِلْبَائِعِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ عَنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَسَامَحَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا لِلضَّرُورَةِ. قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ فَهَلْ لَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ إنْ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي كَلَّفَهُ إثْبَاتُ دَيْنِهِ اخْتَارَ بَعْضُ أَشْيَاخِي هَذَا، وَيَبِيعُ بِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي نَبَّهْنَا عَلَيْهَا.

ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ، لَوْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَمَتَى لَمْ يَضُرَّ بِالْغُرَمَاءِ، وَأَخَذَ مَا يَنُوبُهُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا فَإِنْ حَلَفَ فَحَلَفَ مَا ضَرَّهُ ذَلِكَ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَخْذِ مَالِهِ فَيَحْلِفُ وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ إذَا أَمِنَ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَاذِبًا يُرِيدُ أَنَّ الْمُودِعَ يَقُولُ لَهُ احْلِفْ لِي أَنِّي مَا أَوْدَعْتُك. وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا يَلْزَمُنِي رَدُّهُ. وَقِيلَ يَنْوِي مِثْلَهُ أَوْ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْحَدَ مَا أَوْدَعَهُ مَكَانَ حَقِّهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] وَلِحَدِيثِ هِنْدَ. وَقِيلَ مَعْنَى «لَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» لَا تَأْخُذْ فَوْقَ حَقِّك اهـ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ تَرْشِيحُ جَوَازِ الْأَخْذِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ إبَاحَةُ الْأَخْذِ. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَيِّتٍ أَوْصَى لِصَغِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>