مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ
ــ
[منح الجليل]
مِمَّنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ نَظَرًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ الْخُلُوِّ، وَيُورَثُ عَنْهُ. وَأَمَّا إجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ إجَارَةً لَازِمَةً فَلَا نِزَاعَ فِيهَا، وَقَدْ أَفْتَى شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ وَأَخُوهُ نَاصِرُ الدِّينِ بِأَنَّ الْخُلُوَّ الْمَذْكُورَ مُعْتَدٌّ بِهِ لِكَوْنِ الْعُرْفِ جَرَى بِهِ قَالَهُ " د ".
عج الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَمَا مَعْنَى الْخُلُوِّ وَمَا فَائِدَتُهُ؟ يُقَالُ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ نَاظِرًا أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةَ مُشَاهَرَةً وَنَصُّ مَا رَأَيْتُ، سُئِلَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ مَا تَقُولُ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الَّذِي صَارَ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي مِصْرَ وَغَيْرِهَا وَتَغَالَتْ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى وَصَلَ الْحَانُوتُ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ذَهَبًا جَدِيدًا، فَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ؟ وَهَلْ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ، إذَا مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ عَمَلًا بِعُرْفِ النَّاسِ، وَإِذَا مَاتَ مِنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَإِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ اهـ.
وَسُئِلَ " س " السَّنْهُورِيُّ عَمَّنْ لَهُ خُلُوٌّ فَتَعَدَّى آخَرُ عَلَى الْمَحَلِّ وَاسْتَأْجَرَهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَسَكَنَهُ مُدَّةً فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُفَضُّ عَلَى الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي سَكَنَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْخُلُوِّ بِحَسَبِ مَالِهِمَا. اهـ. وَكَذَا أَفْتَى مُعْظَمُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَنْفَعَةَ مَا فِيهِ الْخُلُوُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَالنَّاظِرُ عَلَى وَجْهِ
الْمَصْلَحَةِ
كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتْوَى النَّاصِرِ اهـ.
الْبُنَانِيُّ بِمِثْلِ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى مِنْ شُيُوخِ فَاسَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ الْقَصَّارِ وَابْنِ عَاشِرٍ وَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِيِّ وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَأَضْرَابِهِمْ، وَيُعَبِّرُونَ عَنْ الْخُلُوِّ الْمَذْكُورِ بِالْجِلْسَةِ، وَجَرَى الْعُرْفُ بِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ
فِيهَا فَهِيَ عِنْدَهُمْ كِرَاءٌ عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ.
وَصِلَةُ إعَارَةٍ (مِنْ) أَيْ لِ (لِأَهْلِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ (التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) بِالشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute