عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ
لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا
وَجَارِيَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛
ــ
[منح الجليل]
هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُسْتَعِيرُ قَابِلٌ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُعَارُ كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَلَا وَلَدٌ وَالِدَهُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ قَاصِرٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْوَلَدَ أَهْلُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ. وَجَوَابُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْتَعَارِ بِخُصُوصِيَّتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لِصِحَّةِ تَغَيُّرِهِ بِمَا بِهِ يَصِحُّ اهـ. الْبُنَانِيُّ إنَّمَا يُقَالُ هَذَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى الْقَيْدِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ، وَهُوَ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا، وَمَفْعُولُ إعَارَةُ الْمُضَافُ لِفَاعِلَةِ قَوْلُهُ (عَيْنًا) أَيْ ذَاتًا (لِ) اسْتِيفَاءِ (مَنْفَعَةٍ) مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ، وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ، وَنُعِتَ مَنْفَعَةٌ بِ (مُبَاحَةٍ) .
اللَّخْمِيُّ الْإِعَارَةُ هِبَةُ الْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ. ابْنُ شَاسٍ فَلَا تُعَارُ الْمَكِيلَاتُ وَلَا الْمَوْزُونَاتُ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرْضُهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَّا لِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا إلَّا أَنْ يَسْتَعِيرَهَا، كَالصَّيْرَفِيِّ يَجْعَلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَرَى أَنَّهُ ذُو مَالٍ فَيَقْصِدَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، فَهَذِهِ تُضْمَنُ إذَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا وَلَا تُضْمَنُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَمِنْ شُرُوطِ الْمُسْتَعَارِ كَوْنُ الِانْتِفَاعِ بِهِ مُبَاحًا فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلتَّمَتُّعِ بِهِنَّ، وَيُكْرَهُ إخْدَامُ الْأَمَةِ إلَّا لِمَحْرَمٍ أَوْ مَرْأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ. .
وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ فَقَالَ (لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ (كَذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمُ مُشَدَّدَةٌ رَقِيقًا (مُسْلِمًا) لِإِذْلَالِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] وَأَوْلَى لِحَرْبِيٍّ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُصْحَفُ وَالسِّلَاحُ لِقَتْلِ مُسْلِمٍ وَالْإِنَاءُ لِشُرْبِ نَحْوِ خَمْرٍ.
(وَ) لَا تَصِحُّ إعَارَةُ (جَارِيَةٍ لِوَطْءٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِلْكٍ تَامٍّ أَوْ نِكَاحٍ، وَالْأَحْسَنُ إبْدَالُ وَطْءٍ بِتَمَتُّعٍ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مُبَاحَةٍ (أَوْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِ (خِدْمَةٍ لِ) رَجُلٍ (غَيْرِ مَحْرَمٍ) لَهَا لِتَأْدِيَتِهَا لِاخْتِلَائِهِ بِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْمُونًا أَوْ لَهُ أَهْلٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُتَجَالَّةً، أَوْ كَانَ الرَّجُلُ شَيْخًا فَانِيًا وَلِلَّخْمِيِّ جَوَازُهَا لِلْمَأْمُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute