للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) الْغَصْبُ، أَخْذُ مَالٍ، قَهْرًا، تَعَدِّيًا، بِلَا حِرَابَةٍ

ــ

[منح الجليل]

الْغَصْبُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ أَخْذُ شَيْءٍ ظُلْمًا. الْجَوْهَرِيُّ غَصَبَ الشَّيْءَ أَخَذَهُ ظُلْمًا وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ (أَخْذُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٌ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ، وَإِضَافَتُهُ لِ (مَالٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ أَخْذَ غَيْرِهِ أَخْذًا (قَهْرًا) فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ أَخْذَ مَالٍ بِلَا قَهْرٍ بِاشْتِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَارِيَّةٍ الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ، أَوْ بِسَرِقَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ (تَعَدِّيًا) أَيْ ظُلْمًا، فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ أَخْذَ مَالٍ قَهْرًا بِحَقٍّ كَأَخْذِ دَيْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَدِيَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَعِوَضِ مُتْلَفٍ وَمَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ قَهْرًا (بِلَا حِرَابَةٍ) أَيْ مُقَاتَلَةٍ، فَصْلٌ رَابِعٌ مُخْرِجٌ الْحِرَابَةَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا بِخَوْفِ قِتَالٍ فَيَخْرُجُ أَخْذُهُ غِيلَةً، إذْ لَا قَهْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَحِرَابَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخْتَصَرًا كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ أَخْذُ الْمَالِ عُدْوَانًا قَهْرًا مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِأَخْذِ الْمَنَافِعِ كَذَلِكَ، كَسُكْنَى رَبْعٍ وَخَرِبَةٍ وَلَيْسَ غَصْبًا، بَلْ تَعَدِّيًا، وَتَعَقَّبَ بِتَرْكِيبِهِ وَهُوَ وَقْفُ مَعْرِفَتِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ أَعَمَّ مِنْهُ وَلَا أَخَصَّ مِنْ أَعَمِّهِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ذِكْرُ الْقُيُودِ فِي الرَّسْمِ بِحَرْفِ السَّلْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَمْيِيزٌ، بَلْ يُوجِبُ إجْمَالًا، فَإِنَّك لَا تَشَاءُ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَدٍّ أَوْ رَسْمٍ إلَّا قُلْته يُرَدُّ بِأَنَّ الْعَدَمَ الْإِضَافِيَّ يُفِيدُ نَفْيَ مَا كَانَ مُحْتَمِلًا الثُّبُوتَ، إفَادَةً ظَاهِرَةً، وَلِذَا صَحَّ وُرُودُهُ فِي النُّعُوتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] ، وَالْخَاصِّيَّةُ مِنْ الْمَاهِيَّاتِ الْجَعْلِيَّةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ يَصِحُّ كَوْنُهَا عَدَمِيَّةً، وَلِذَا لَمْ يَتَعَقَّبْ الْأَشْيَاخُ حَدَّ الْقَاضِي الْقِيَاسَ بِقَوْلِهِ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا بِأَمْرٍ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>