للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

إثْبَاتِ حُكْمٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَفْيِهَا بِاشْتِمَالِهِ عَلَى قَيْدَيْنِ عَدَمِيَّيْنِ، مَعَ كَثْرَةِ إيرَادِ الْأَسْئِلَةِ عَلَيْهِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَرَّفَ بَعْضُهُمْ الْغَصْبَ بِأَنَّهُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحِقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا. وَقِيلَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا، وَيَنْبَغِي عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنْ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ عَلَى الثَّانِي، لَا عَلَى الْأَوَّلِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعْ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ. (تَنْبِيهَاتٌ)

الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَالِ وَإِنْ يُجِزْهُ الْغَاصِبُ لِنَفْسِهِ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا اسْتَوْلَى الظَّالِمُ عَلَى مَالِ شَخْصٍ قَهْرًا تَعَدِّيًا فَاسْتِيلَاؤُهُ غَصْبٌ، وَلَوْ أَبْقَاهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ رَبُّهُ فِيهِ.

الثَّانِي: فِي الْمُقَدِّمَاتِ التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ، وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَهِيَ الْحِرَابَةُ وَالْغَصْبُ، وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ.

الثَّالِثُ: فِي التَّنْبِيهَاتِ الْغَصْبُ يُطْلَقُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى أَخْذِ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ مِنْ ذَوَاتٍ أَوْ مَنَافِعَ، وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ خِيَانَةً أَوْ قَهْرًا، غَيْرَ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي أَخْذِ أَعْيَانِ الْمُتَمَلَّكَاتِ بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَغَيْرِ مَا يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ غَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ، وَاسْتُعْمِلَ التَّعَدِّي عُرْفًا فِي التَّعَدِّي عَلَى عَيْنِهَا أَوْ مَنَافِعِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ يَدٌ بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَالْقِرَاضِ وَالْوَدَائِعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّنَّاعِ وَالْبَضَائِعِ وَالْعَوَارِيِّ وَفَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ يَوْمَ غَصْبِهِ لِأَنَّهُ يَوْمُ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالْمُتَعَدِّيَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ وَالْمُتَعَدِّيَ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْكَثِيرَ، وَأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ كِرَاءَ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأُجْرَتَهُ بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ فِي الْغَاصِبِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا مَعْلُومٌ.

الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرِفَةُ حُرْمَتِهِ فِي الدِّينِ ضَرُورِيَّةٌ لِأَنَّ حِفْظَ الْأَمْوَالِ إحْدَى الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي اجْتَمَعَتْ الْمِلَلُ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>