للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ

ــ

[منح الجليل]

وَأُدِّبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (غَاصِبٌ مُمَيِّزٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَلَوْ صَبِيًّا بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِدَفْعِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ كَتَأْدِيبِهِ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا تَحْقِيقًا لِلْإِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا لِلْأَخْلَاقِ، وَتُضْرَبُ الْبَهَائِمُ لِلِاسْتِصْلَاحِ وَالتَّهْذِيبِ، وَمَفْهُومُ مُمَيِّزٍ عَدَمُ تَأْدِيبِ غَيْرِهِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، إلَّا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، فَإِنَّ الْأَدَبَ يَسْقُطُ عَنْهُ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ» . الْحَدِيثَ. وَقِيلَ إنَّ الْإِمَامَ يُؤَدِّبُهُ كَمَا يُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ فِي الْمَكْتَبِ وَيُؤْخَذُ بِحَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ. وَقِيلَ إنَّ مَا أَصَابَهُ هَدَرٌ كَالْبَهِيمَةِ الْعَجْمَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ. ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَعْبَانَ وَغَيْرُهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ.

فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ السِّنَّ فَفِي سُقُوطُ أَدَبِهِ لِرَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ وَثُبُوتُهُ كَمَا يُؤَدَّبُ فِي الْمَكْتَبِ قَوْلَانِ وَالْغَصْبُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ كَالْغَصْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ شَعْبَانَ وَكَذَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، وَفِي اغْتِصَابِ الْوَالِدِ مِنْ وَلَدِهِ خِلَافٌ، وَبِهَذَا أَقُولُ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِمَالِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي حَمَالَتِهَا، وَيَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ مَا كَسَرَهُ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ اخْتَلَسَهُ وَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ، وَفِيهَا مَنْ أَوْدَعْته حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ أَجْنَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُودَعِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ وَفِي دِيَاتِهَا وَإِذَا جَنَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِسَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ كُلُّهُ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ فَفِي مَالِهِ يُتَّبَعُ بِهَا دَيْنًا فِي عُدْمِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ فَفِي إهْدَارِ جِنَايَتِهِ فِي الدَّمِ وَالْمَالِ كَالْعَجْمَاءِ أَوْ كَالْمُمَيِّزِ، ثَالِثُهَا إهْدَارُ مَا أَصَابَ مِنْ مَالٍ وَاعْتِبَارُ مَا أَصَابَ مِنْ الدَّمِ.

وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الْغَصْبَ (عَلَى) شَخْصٍ، (صَالِحٍ) أَيْ عَدْلٍ لَا يُتَّهَمُ بِالْغَصْبِ فَيُؤَدَّبُ لَهُ لِجِنَايَتِهِ عَلَى عِرْضِهِ، فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْهَا، وَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ غَصْبًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ عُوقِبَ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ آخِرَ سَرِقَتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>