للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ: قَوْلَانِ.

ــ

[منح الجليل]

فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَمِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِهَذَا أُدِّبَ الَّذِي ادَّعَى ذَلِكَ. قُلْت ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ إنَّمَا يُؤَدَّبُ الْمُدَّعِي عَلَى غَيْرِ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ، أَمَّا عَلَى وَجْهِ الشَّكْوَى فَلَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(وَفِي حَلِفِ) الشَّخْصِ (الْمَجْهُولِ) حَالُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَغَرِمَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَدَمُ حَلِفِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَاسْتُظْهِرَ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا فِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِذَلِكَ نَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَأَحْلَفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي كَسَائِرِ الْحُقُوقِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ النَّاسُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ هُدِّدَ وَسُجِنَ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا حَلَفَ وَفَائِدَةُ تَهْدِيدِهِ لَعَلَّهُ يُخْرِجُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ تُعْرَفُ عَيْنُهُ. وَأَمَّا مَا لَا تُعْرَفُ فَلَا فَائِدَةَ لِتَهْدِيدِهِ إذْ لَوْ أَخْرَجَ بِهِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُؤْخَذُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ غَصْبٌ فَلَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيهِ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ لَزِمَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ الْأَدَبُ اهـ.

وَفِي آخِرِ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ النُّكَتِ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَنْ اُتُّهِمَ بِالسَّرِقَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، مُبَرَّزٌ بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُؤَدَّبُ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمُتَّهَمٌ مَعْرُوفٌ بِمِثْلِ هَذَا فَيَحْلِفُ وَيُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَرَجُلٌ مُتَوَسِّطُ الْحَالِ بَيْنَ هَذَيْنِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ اهـ. اللَّخْمِيُّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ فَالْحُكْمُ فِي تَعْلِيقِ الْيَمِينِ بِهِ وَعُقُوبَتُهُ يَرْجِعُ إلَى حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ عُوقِبَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ وَأَشْكَلَ حَالُهُ فَلَا يُعَاقَبُ الْمُدَّعِي وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُشْبِهُهُ ذَلِكَ وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ يَحْلِفُ وَلَا يُعَاقَبُ الْمُدَّعِي. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالتَّعَدِّي وَالْغَصْبِ يَحْلِفُ وَيُضْرَبُ وَيُسْجَنُ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الْجُحُودِ تُرِكَ وَاخْتُلِفَ إذَا اعْتَرَفَ بَعْدَ التَّهْدِيدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، قِيلَ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَيَّنَ الْمُدَّعَى فِيهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ. وَقِيلَ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّعَى فِيهِ أُخِذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>